مارك أيوب

انتهت قمّة المناخ COP30 بلا أي تقدّم يُذكر، إذ اكتفت بمبادرات طوعية فيما عطّلت الدول المنتِجة للوقود الأحفوري أي التزام بالتحوّل الطاقوي. لكن اللافت هو أنه للمرة الأولى يعترف بأن هدف 1.5 درجة مئوية بات بعيد المنال، وسط توقعات بارتفاع يصل إلى 2.5 درجة بنهاية القرن.

تنعقد قمة المناخ الثلاثون (COP30) في البرازيل وسط تحذيرات من فشل العالم في تحقيق أهداف اتفاق باريس. إذ لم تحدّث سوى ثلث الدول التزاماتها المناخية، فيما يستمر تمويل الوقود الأحفوري على الرغم من توسّع الطاقات المتجددة، ويتحمّل الأفقر تبعات الكوارث على الرغم من مساهمتهم الضئيلة، بينما يملك الأغنى 10% معظم الثروة والقدرة على التمويل.

ما قصّة تلزيم الحكومة اللبنانية الاستكشاف والإنتاج في الرقعة رقم 8 إلى ائتلاف شركات توتال إنرجي الفرنسية، وقطر للطاقة، وENI الإيطالية، وهو التحالف نفسه الذي كان قد مُنح سابقاً حقوقاً للاستكشاف والإنتاج في الرقعتين 4 و9 في العام 2017. الإعلان جاء مفاجئاً في توقيته وفي سياق مسار الأحداث المرتبطة بقطاع النفط والغاز في لبنان، وأثار سلسلة من التساؤلات والتكهّنات.

نظّم «منتدى البدائل العربي للدراسات» بالتعاون مع موقع «صفر» ندوة بعنوان «COP30: الديون الخضراء والحرب وتعويضات المناخ». شارك فيها مارك أيوب وأحمد الدروبي، وأكدا على فشل النظام الاقتصادي العالمي في مواجهة الأزمة المناخية، واستمرار السياسات الاستعمارية عبر الديون والحلول الزائفة كـ«أسواق الكربون».

رهنت الحكومة اللبنانية الحلول الممكنة لأزمة الكهرباء المستفحلة باستجرار الطاقة والتمويل من الخارج. إلا أن من الصعب الحديث عن ربط كهربائي منتج وفعّال من دون إصلاح البنية الإنتاجية للكهرباء في لبنان، واللجوء إلى الحلول الداخلية أوّلاً لتأمين الحاجة الطاقوية، كما وتطوير الشبكة العامّة وتحضيرها لأي ربط مقبل.

في لحظة جيوسياسية حسّاسة، يزداد فيها الضغط الأميركي على الحكومة التركية لمحاصرة النفط الروسي، وعلى الحكومة العراقية لمحاصرة النفط الايراني، توسطت ادارة ترامب بين حكومات تركيا والعراق واقليم كردستان لاعادة تشغيل خط النفط من كركوك العراقية الى جيهان التركية.

بينما يتحدّث العالم عن «انتقال عادل» بعيداً من الوقود الأحفوري، تكشف التقارير أن الولايات المتحدة وكندا والنروج وأستراليا ستتسبّب وحدها بـ70% من الانبعاثات الناتجة عن مشاريع النفط والغاز الجديدة حتى عام 2035، تاركةً الكوكب أمام فاتورة مناخية كارثية يستحيل سدادها ووعودٍ جوفاء بالتحوّل الأخضر.

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على إيران، يزداد التلويح باستخدام مضيق هرمز كسلاح اقتصادي مؤثر نظراً لدوره الحيوي في حركة التجارة العالمية، إذ يمرّ عبره حوالي 35% من النفط الخام المنقول بحرًا و20% من الغاز الطبيعي المسال، بالإضافة إلى كميات ضخمة من المشتقات النفطية وسوائل الغاز الطبيعي والأسمدة والإسمنت والمعادن. ما يجعل أي تعطيل أو إغلاق للمضيق تهديداً مباشراً لأمن الطاقة والغذاء إقليمياً وعالمياً، وينذر باضطرابات غير مسبوقة في الأسواق وارتفاع التكاليف بشكل حاد.

أضافت إسرائيل وإيران منشآت النفط والغاز إلى قائمة الأهداف العسكرية، لكن أسعار النفط العالمية لم ترتفع بشكل كبير حتى الآن إذ زادت بنسبة 8% تقريباً لتصل إلى نحو 75 دولاراً للبرميل، مع توقعات ببقاء التذبذبات محدودة ما لم تتوسع الهجمات أو تُغلَق مضائق استراتيجية مثل هرمز.

فرضت الحكومة اللبنانية ضريبة إضافية على البنزين والمازوت، من المتوقع أن تؤمّن نحو 392 مليون دولار سنوياً وقرابة 250 مليوناً خلال النصف الثاني من العام الحالي، بفعل زيادة الاستهلاك في فصل الصيف. وعلى الرغم من تبرير الضريبة بالحاجة لتمويل منح العسكريين، فإنها تعكس استمرارية السياسات الضريبية الظالمة التي اتبعتها الحكومات السابقة، وتضاف إلى منظومة ضرائب ورسوم قائمة أساساً في جدول تسعير المحروقات، من دون أن تمسّ بأرباح الشركات المستوردة.

تتصاعد «حرب باردة» خفية للسيطرة على المعادن الحرجة الأساسية لتحوّلات الطاقة النظيفة والصناعات العسكرية المتطورة. وتحتل معادن مثل الليثيوم والكوبالت والنحاس والنيكل موقعاً محورياً في هذه المعركة، مع تركز احتياطياتها بشكل رئيس في بلدان الجنوب العالمي.

سعت الحرب الإسرائيلية على لبنان إلى تدمير البنية التحتية الأساسية ومنع عودة الحياة إلى طبيعتها. أقلّه هذا ما تعبّر عنه الأضرار الواقعة على قطاعي الكهرباء والمياه.