موقع صفر
نمارس الصحافة الاقتصادية كفعل سياسي، عكس التيّار السائد واقتصاده المُبتذل، صوت إضافي مع المُستغَلّين ضدّ المُستغِلّين، ومساحة مفتوحة لأفكار ومواقف ومقاربات جديدة ومختلفة وجريئة.
لماذا 0؟
قد يعني الصفر العدم أو الفراغ أو اللاشيء. إلّا أنه كرقم يمتلك قوّة خارقة وتاريخاً طويلاً ومثيراً.
لقد قلب الصفر مفاهيم أساسية في الرياضيات والعلوم غيّرت العالم بأكمله. حطّم أفكار الإغريق القديمة الخاطئة حول الكون وأنهاها إلى الأبد.
ساهم الصفر في بناء علم الجبر وطرق الحساب، وعندما حمله عالم الرياضات الإيطالي فيبوناتشي من الشرق الإسلامي في عام 1202 إلى أوروبا، تلقّفه التجّار والمصرفيون الإيطاليون، إذ ساعدت طرق الحساب الخوارزمية الجديدة في تفلّت الحسابات الاقتصادية من قيود الأرقام الرومانية القديمة. صحيح أن هذا الأمر أخذ بضع مئات من السنين، إلّا أنه أتاح في الحصيلة "احتساب هوامش الربح، وتبديل العملات، واحتساب الفائدة... إلخ".
يرتبط الصفر بعلاقة وطيدة مع الثورة العلمية والصناعية، فلولا الصفر لما كان إسحق نيوتن أطلق ثورته ولما كانت الآلات ولما كانت الرأسمالية، ولما كان كارل ماركس قد كتب "رأس المال" ووضع نظرية فائض القيمة... فمع الصفر ابتدأ شكل جديد من عالم الاستغلال، ومع الصفر نفسه سينتهي هذا العالم.
يقول الكاتب تشارلز سايف أنه "خلف كلّ ثورة، صفر".
الثورة نهاية وبداية، نهاية القديم وبداية الجديد.
وكل بداية جديدة وثورية لا بد أن تبدأ من الرقم الأول، من سحر الصفر في إعادة تشكيل القيم الأخلاقية والمادية.
بهذا المعنى، نختار 0 رمزاً لمشروعنا، ونضيف إليه شعارنا: الأرض، العمل، رأس المال. الثالوث الاقتصادي الذي يجسّد ميدان الصراع حول القيمة.
الأرض، العمل، رأس المال
في الاقتصاد الرأسمالي، ينقسم المجتمع عموماً إلى ثلاث مجموعات رئيسة، يعيش الأفراد الذين يؤلفونها، من الأجور/ العمل أو الأرباح/ رأس المال أو الريوع/ الأرض، أي من بيع قوة عملهم الذهنية والعضلية، أو من ملكيّة رساميلهم، أو من الاستحواذ على الأرض والميراث، أو مزيج من هذا وذاك. فضلاً عن تشعّب لا نهائي يخلقه تطوّر تقسيم العمل في المجتمع، فإلى جانب هذه المجموعات الرئيسة تتشكّل مجموعات فرعية أو متمايزة، من مهنيين وموظّفين مستقلّين وروّاد أعمال ورياديين اجتماعيين وأصحاب ملكية فكرية ومقدّمي خدمات وعاملين لحسابهم وربّات منازل، إلخ... وعلى صعيد المجتمع ككل وفي داخل كل مجموعة، رئيسة أو فرعية، تتشكّل شبكات من المصالح المختلفة ويتركّب سلم المراتب ودرجاته وتنبني العلاقات التي تنظّم عملية استيلاد الناتج الاجتماعي وفائض القيمة وإعادة توزيعه بين الفئات تبعاً لمراتبها ونفوذها وقوتها بالمقارنة مع الآخرين.
سيحمل مشروع 0 شعاراً دائماً وثابتاً هو "الأرض، العمل، رأس المال"، أي العناصر الثلاث التي تشكّل ميدان الاستغلال، من دون أن يهمل ميدان السيطرة، انطلاقاً من عبارة لينين الشهيرة "السياسة هي اقتصاد مكثّف".