معاينة 10 حقائق عن التغيّر المناخي في مناسبة قمة المناخ

10 حقائق عن التغيّر المناخي في مناسبة قمة المناخ

تنعقد قمّة المناخ بنسختها الـ 30 (COP30) في البرازيل هذا الشهر مع حلول الذكرى السنوية العاشرة لاتفاقية باريس للمناخ، وفي منتصف ما أُطلق عليه ب «العقد الحاسم» من العمل المناخي، غير أنّ كلّ الأرقام والمؤشّرات تُظهر عكس ذلك. إذ تتلاشى الجهود العالميّة للحدّ من تداعيات التغيّر المناخي، وتسقُط المُهل والتعهّدات، وتُركل الأهداف إلى سنوات مقبلة، في حين تُترك شعوب دول الجنوب لمواجهة المزيد من موجات الحرّ والأعاصير والجفاف، من دون القدرة على التكّيف معها، في ظلّ غياب التمويل وتفاقم عدم المساواة. 

ما هي أبرز المؤشّرات التي تعكس الواقع المناخي قبل الدخول في مناقشات قمّة البرازيل؟

1. درجات الحرارة تلامس حدّ اللاعودة

يمكن اعتبار العقد الأول من عمر اتفاقية باريس للمناخ، حيث اتفقت أكثر من 190 دولة على الحدّ من الاحتباس الحراري عند حدود 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحالي، هو الأكثر سخونة على الإطلاق، بحسب تقرير «واقع المناخ» الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) للعام 2024، وتقارير منظّمات عالمية أخرى. فللمرة الأولى، شهد العام 2024 ارتفاعاً في درجات الحرارة العالمية وصل إلى نحو 1.55 درجة لتكون الأكثر حرارة على الإطلاق، في مؤشّر واضح إلى إمكانيّة الوصول إلى نقطة اللاعودة (Tipping Point).

فعلى الرغم من أن هذا المؤشر لا يعني أن مجمل الاحتباس الحراري لكوكب الأرض قد تخطّى 1.5 درجة مئوية، الّا أنه يشير إلى إمكانيّة الاقتراب منه في السنوات القليلة الماضية، ما قد يؤدّي إلى سلسلة من نقاط اللاعودة الأخرى في البحار والمحيطات والغابات والتنوّع البيولوجي. وتشير التقديرات إلى أن استمرار الأمور على ما هي عليه اليوم سيؤدي إلى زيادة الاحتباس الحراري بما يزيد عن 2.5 درجة مئويّة، ما لم تُبذل جهودٌ جبّارة عكس ذلك.

كلّ ذلك دفع بالأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس إلى إطلاق نداء إلى المجتمعين في COP30 بضرورة العمل على «تغيير المسار» وتجنّب نقاط التحوّل الجذرية إذ أن عواقبها المدمّرة ستكون حتمية.

10 حقائق عن التغيّر المناخي في مناسبة قمة المناخ

2. ذروة الانبعاثات الكربونيّة

بالتوازي مع كونه العام الأكثر سخونة عبر التاريخ، شهد العام 2024 أيضاً ارتفاعاً قياسياً في مستويات «ثاني أكسيد الكربون (CO2) «في الغلاف الجوي لم يعرفها كوكب الأرض على الإطلاق. فبحسب تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ارتفع نمو هذه الانبعاثات بثلاثة أضعاف ممّا كانت عليه في العام 1960، ليصل الى حوالي 3.5 جزئية في المليون (ppm). وترافق ذلك مع مستويات قياسية لتركّز نسب غازات «الميتان» و«أكسيد النيتروجين» في الجوّ، وهي المرتبطة أيضاً بالأنشطة البشرية.

ومن الأمور الأساسيّة لمواجهة هذا الارتفاع المطرد هو الحدّ من إزالة الغابات من جهة، والتي يمكنها امتصاص ما يقارب 870 مليون طن من الكربون، كما التخلّص التدريجي من الفحم الحجري، والذي يُعدّ أكبر مصدر من الانبعاثات في قطاع الطاقة.

10 حقائق عن التغيّر المناخي في مناسبة قمة المناخ

3. التزامات الدّول المناخية (NDCs) لا تصلح للمواجهة

في شباط/فبراير من هذا العام، كان يتعيّن على جميع الدول الموقّعة على اتفاقية باريس للمناخ أن يقدّموا تحديثاً للالتزامات المناخية الجديدة، والتي تُعرف ب «المساهمات المحددة وطنياً» (Nationally Determined Contributions NDCs)، أي الأهداف التي ينوون تطبيقها بحلول العام 2035 والتي من شأنها أن ترسم مسار التحوّل المناخي العالمي.

في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، اتضح أن 64 دولة فقط قدّمت تحديثاً عن التزاماتها وتشكّل مجتمعة حوالي 30% من الانبعاثات العالمية، بما في ذلك كبار الملوّثين مثل كندا والبرازيل واليابان وبريطانيا. وفي آخر تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول هذه المساهمات، يتبيّن أن التعهّدات الحالية ستُخفّض الانبعاثات بنحو 17% عن مستوياتها في العام 2019، أي أقل بكثير ممّا هو مطلوب للإبقاء على الاحتباس الحراري عند حدود 1.5 درجة مئوية. بالاضافة الى ذلك، لا تحقق هذه التعهّدات سوى أقل من 6% من التخفيضات الإضافية اللازمة لإغلاق الفجوة بحلول العام 2035.

4. الأهداف القطاعيّة للعام 2030 ليست على الطريق السليم

يهدف تقرير «واقع العمل المناخي 2025» الصادر في تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى تقديم خارطة طريق قطاعية لسد الفجوة العالمية من خلال تحليل قطاعات أساسية كالطاقة والصناعة والنقل والمباني والغابات والأراضي والأغذية والزراعة وغيرها، ويشير إلى أن أيّ منها لا يسير على الطريق الصحيح لتحقيق أهداف العام 2030، في صورة صادمة لواقع العمل المناخي.

فمن أصل 45 مؤشر قطاعي تمّ تحليله، أتت نتائج 29 منها بعيدة كل البعد عن المسار الصحيح وتتطوّر ببطء شديد، في حين تسير 5 مؤشرات في الاتجاه الخاطئ لتحقيق الأهداف المرجوّة (كالبصمة الكربونية لصناعة الحديد، استخدام السيارات الخاصة للنقل، تمويل الوقود الأحفوري، الخ) وتفتقر 5 مؤشرات أخرى إلى المعلومات والأرقام الدّقيقة. إلى ذلك، وعلى الرّغم من انحرافها عن الأهداف، تتقدّم المؤشرات الست المتبقية بشكل أسرع من غيرها (كاستخدام السيّارات الكهربائية، إعادة تشجير الغابات، التّمويل غير الحكومي للمناخ، الخ).

5. مصادر الطاقة المتجدّدة الأكثر تنافسية

تُجمع تقارير كل المنظّمات الدولية المتخصّصة في مجال الطاقة إلى نمو كبير في استخدام مصادر الطاقة المتجدّدة (خصوصاً طاقتي الشمس والرياح) في السنوات الأخيرة، ما جعلها تتفوّق على مصادر الطاقة من الوقود الأحفوري من حيث الأسعار والتنافسية. فمنذ العام 2015، تضاعفت حصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في إنتاج الكهرباء أكثر من 3 أضعاف.

وفي خلال العام 2024، تم وضع حوالي 582 غيغاواط من الطاقة المتجدّدة الإضافية على الشبكة، أتى 91% منها أكثر تنافسيّة من أي مصدر من مصادر الوقود الأحفوري، بحسب منظّمة IRENA. على الرغم من ذلك، ومن نمو طاقتي الشمس والرياح بمعدّل سنوي بحوالي 13% منذ العام 2020، لن تكون هذه الإضافات كافية للوصول إلى الهدف الذي أُعلن في قمّة دبي في العام 2023، والرامي إلى زيادة الإنتاج من الطاقات المتجدّدة 3 أضعاف ما كانت عليه في العام 2022، إذ أنها ستساهم في الوصول إلى حوالي 2,6 ضعف فقط.

10 حقائق عن التغيّر المناخي في مناسبة قمة المناخ

6. 1 من كل 4 سيّارات مباعة عالمياً أصبحت كهربائية

بالتوازي مع اللجوء إلى الطاقات المتجدّدة، شكّل سوق مبيع السيارات الكهربائيّة قفزة نوعيّة في السنوات الخمس الأخيرة ليتخطى 20 مليون سيّارة في العام 2024، ولتصل حصة السيارات الكهربائية من مجمل السوق إلى أكثر من 22%. وقد ساهمت الصين في هذا الارتفاع بشكلٍ كبير، إذ سيطرت على أكثر من نصف هذه الرّقم. في المقابل، شهدت الأسواق الأوروبية والأميركية ركوداً في شراء هذه المركبات نتيجة عوامل عدّة أبرزها رفع الدّعم عنها وغياب المحفّزات الماليّة. نتيجة لذلك، لا تزال هذه الأرقام غير كافية للمساعدة في الوصول إلى أهداف قمّة باريس للمناخ.

7. الاستثمار في الوقود الأحفوري مستمر

هذا التوّجه نحو الطاقات المتجدّدة والسيارات الكهربائية لم يترافق مع انخفاض في استخدام الوقود الأحفوري. فعلى الرّغم من بلوغ حجم تمويل مشاريع الطاقة النظيفة ضعف تلك المرصودة للوقود الأحفوري، لا يزال التّمويل السخي يُرصد في ميزانيات الحكومات لهذه الأخيرة.

فالبنوك العالميّة الكبيرة رفعت تمويلها لهذه المصادر الملوّثة بين 2023 و2024 بحوالي 162 مليار دولار،  وبلغ حجم الالتزامات المعقودة من قبل المصارف الـ60 الكبرى حوالي 705 مليار دولار في خلال العام 2023 فقط، ومجمل ما أنفق عبر هذه البنوك منذ إقرار اتفاقيّة باريس للمناخ في العام 2016 حوالي 6.9 تريليون دولار.

8. الـ 1% الأغنى مسؤولون عن 15% من الانبعاثات القائمة على الاستهلاك

يشير تقرير عدم المساواة المناخية 2025 إلى الدّور الذي يلعبه تفاوت الثروات في تعميق عدم المساواة المناخيّة، ومفاقمة التدهور البيئي. إذ أنّ طبقة الـ 1% الأغنى من سكان العالم على أساس الملكيّة (حوالي 56,000 شخص) يتسبّبون بحوالي 15% من الانبعاثات القائمة على الاستهلاك، في حين أنّ هذا الرقم قد يصل إلى حوالي 41% من الانبعاثات المرتبطة بملكية رأس المال الخاص.

في مقابل ذلك، لا تشكّل انبعاثات الـ 50% الأفقر سوى 10% من حجم الاستهلاك، و3% من حيث الملكيّة الخاصّة.

10 حقائق عن التغيّر المناخي في مناسبة قمة المناخ

9. الـ 10% الأغنى يستحوذون على 74% من قدرة التمويل

يستحوذ أغنى 10% من سكان العالم على حوالي ثلاثة أرباع الثروات وبالتالي القدرة على تمويل المشاريع المناخية، ويساهمون بحوالي 50% من الانبعاثات، في حين يعاني الـ 50% الأكثر فقراً من حوالي 74% من الخسائر مقابل 10% فقط من الانبعاثات.

10 حقائق عن التغيّر المناخي في مناسبة قمة المناخ

10. التكيّف مع الكوارث من دون تمويل

يُتوقّع أن يتناقش المفاوضون في البرازيل في إمكانيّة الوصول إلى هدفٍ تمويلي جديد للتكيّف مع التغيّر المناخي، ليحلّ مكان الهدف الذي كان قد أُعلن في قمة غلاسكو في 2021 حين تقرّر مضاعفة المبالغ المرصودة من 20 مليار دولار (حجم الأموال التي صُرفت على التكيّف في العام 2019) إلى 40 مليار دولار بحلول العام 2025، وهو رقم لم يتمّ الوصول إليه.

 وفي نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أصدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقرير «فجوة التكيف» لعام 2025، والذي قدّر احتياجات تمويل التكيّف للبلدان النامية بـ 310 مليارات دولار سنوياً من الآن وحتى العام 2035، وهو ما يعني مضاعفة الرقم الذي نحن عليه اليوم بحوالي 12 إلى 14 مرّة، في إشارة إلى الفجوة متنامية في التمويل العالمي للمناخ. هذا وستطالب الدول النامية بأن تكون مجمل هذه المبالغ عبارة عن منح وليس قروض لعدم السقوط أسرى الديون والفوائد.