Preview تَتَبَّع الصواريخ الأميركية

تَتَبَّع الصواريخ الأميركية

منذ زمن طويل والولايات المتحدة أكبر تاجر أسلحة لإسرائيل. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، زوّدت الولايات المتّحدة إسرائيل بنسبة 69% من أسلحتها المستوردة، من طائرات «إف-35» إلى الذخائر الكيميائية (الفوسفور الأبيض)، ومن قذائف الدبّابات إلى القنابل دقيقة التوجيه. وعلى الرغم من ذلك، تدّعي إدارة بايدن أنها لا تعرف كيف ُتستخدم هذه الأسلحة، حتى عندما تشوِّه وتقتل مواطنين أميركيين.

منذ بداية الحرب الأخيرة على غزّة، كان لدى الولايات المتّحدة مسؤولون من وزارة الدفاع ووكالة المخابرات المركزية في إسرائيل لمساعدة الإسرائيليين في الاستخبارات واللوجستيات والاستهداف وتقييم الأضرار الناجمة عن القنابل. ومع ذلك، تدّعي إدارة بايدن أنه ليس لديها أي دليل دامغ على أن الأسلحة التي نقلتها إلى إسرائيل قد استُخدمت لذبح المدنيين أو تعذيب المعتقلين أو تقييد تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الفلسطينيين الذين يعانون من الجوع والجفاف والمرض.

تدّعي إدارة بايدن أنه ليس لديها أي دليل دامغ على أن الأسلحة التي نقلتها إلى إسرائيل قد استُخدمت لذبح المدنيين أو تعذيب المعتقلين أو تقييد تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الفلسطينيين

في شباط/فبراير، وتحت ضغط من بيرني ساندرز وكريس فان هولين وجيف ميركلي وغيرهم من الديمقراطيين في الكونغرس، أصدر الرئيس «مذكرة الأمن القومي رقم 20» (أو «مذكرة الأمن القومي بشأن الضمانات والمساءلة فيما يتعلق بمواد الدفاع وخدمات الدفاع المنقولة»)، التي وجّهت وزارة الخارجية إلى «الحصول على بعض الضمانات المكتوبة الموثوقة والمُصدّقة من الحكومات الأجنبية التي تتلقى مواد دفاعية، وكذلك، حسب الاقتضاء، خدمات دفاعية [أميركية]» بأنها سوف تلتزم بالقانون الأميركي والقانون الدولي. تطلّبت «مذكرة الأمن القومي رقم 20» أيضاً من وزارتي الخارجية والدفاع تقديم تقرير إلى الكونغرس في غضون 90 يوماً عن مدى التزام هؤلاء الشركاء بضماناتهم: «تقييم أي تقارير أو ادعاءات موثوقة تفيد بأن مواد دفاعية، وكذلك، حسب الاقتضاء، خدمات دفاعية، قد استخدمت بطريقة لا تتفق مع القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي». كما طلبت المذكرة من إدارة بايدن تقييم ما إذا كانت إسرائيل قد تعاونت بشكل كامل مع الجهود التي تدعمها حكومة الولايات المتحدة والجهود الدولية لتقديم المساعدة الإنسانية في منطقة الصراع. لقد فاتتهم عتبة الـ 90 يوماً بيومين، وأجلوا إصدار التقرير إلى وقت متأخّر من بعد ظهيرة يوم الجمعة، وهي فترة ميتة تقليدية للأخبار التي يُرغَب في دفنها.

منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وافقت إدارة بايدن على أكثر من 100 عملية نقل أسلحة من «المبيعات العسكرية الأجنبية» إلى إسرائيل. استخدمت اثنتان من الشحنات حجة الطوارئ للتحايل على مراجعة الكونغرس. بدأت موجة نقل الأسلحة إلى إسرائيل في أوائل تشرين الأول/أكتوبر، وشُحِن الكثير جداً من الأسلحة إلى درجة أن البنتاغون واجه صعوبة في العثور على ما يكفي من طائرات الشحن لتسليمها. في حين أن البنتاغون يقدّم تفاصيل منتظمة عن الأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا، فإنه لم يصدر سوى تحديثين عن نوع وكمية الأسلحة المرسلة إلى إسرائيل. لكن هذين التقريرين، اللذين صدرا في كانون الأول/ديسمبر، يشيران إلى أن الأسلحة شملت قذائف مدفعية، وقذائف دبابات، وأنظمة دفاع جوي، وذخائر دقيقة التوجيه، وأسلحة صغيرة، وصواريخ «هيلفاير» التي تستخدمها الطائرات المُسيّرة، وقذائف مدفعية عيار 30 ملم، وأجهزة رؤية ليلية من طراز «بي في إس-14»، وصواريخ محمولة على الكتف يمكن التخلص منها (على الرغم من أنها غير قابلة للتحلّل عضوياً على الأرجح). وفي أواخر تشرين الأول/أكتوبر، تمت عملية بيع واحدة لإسرائيل شملت معدات «جي دي أي إم» بقيمة 320 مليون دولار لتحويل القنابل «الغبية» غير الموجّهة إلى ذخائر موجّهة بنظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس). هذا بالإضافة إلى مبيعات سابقة بقيمة 403 ملايين دولار من أنظمة التوجيه نفسها. وفي الفترة من 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى 29 كانون الأول/ديسمبر فقط، شملت شحنات الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل 52,229 قذيفة مدفعية من عيار 155 ملم من طراز «إم-795»، و30 ألف قذيفة تسيير من طراز «إم-4» لمدافع «الهاوتزر»، و4,792 قذيفة مدفعية من طراز «إم-107» عيار 155 ملم، و13,981 قذيفة دبابات من طراز «إم-830-أ-1» عيار 120 ملم.

لسنوات عديدة، احتفظت الولايات المتحدة بمخزون عسكري سرّي من الأسلحة في إسرائيل لاستخدامه في العمليات الأميركية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وفي خطوة غير عادية، منحت إدارة بايدن للجيش الإسرائيلي إمكانية الوصول إلى هذه الذخائر، بما في ذلك قنابل يبلغ وزنها 2,000 رطل والتي استُخدمت لتدمير مدن غزة. وبحسب ما ورد، نقلت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 5,000 «قنبلة غبية» تزن 2,000 رطل إلى إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.

العديد من عمليات مبيعات الأسلحة ونقلها تتمّ بموجب اتفاق أبرمته إدارة أوباما في العام 2016، وألزم الولايات المتحدة بمنح إسرائيل ما لا يقل عن 38 مليار دولار من الأسلحة على مدى 10 سنوات. وفي شهر آذار/مارس، عندما تجاوز العدد الرسمي للقتلى في غزة 30 ألف شخص، سمحت وزارة الخارجية بنقل 25 طائرة مقاتلة من طراز «إف-35-إيه» ومحرّكات تبلغ قيمتها حوالي 2.5 مليار دولار. وسرعان ما أعقب هذه الصفقة، في نيسان/أبريل، موافقة بايدن على بيع 50 مقاتلة من طراز «إف-15» لإسرائيل بسعر تجزئة إجمالي قدره 18 مليار دولار. وفي وقت لاحق من نيسان/أبريل، وقّع بايدن على حزمة مساعدات لإرسال 15 مليار دولار إضافية في صورة مساعدات عسكرية لإسرائيل.

لسنوات عديدة، احتفظت الولايات المتحدة بمخزون عسكري سرّي من الأسلحة في إسرائيل لاستخدامه في العمليات الأميركية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وفي خطوة غير عادية، منحت إدارة بايدن للجيش الإسرائيلي إمكانية الوصول إلى هذه الذخائر

لم تُصاحب أي من عمليات النقل تلك بشروط بشأن كيفية استخدام الأسلحة. وفي الواقع، قال جون كيربي، المتحدّث باسم «مجلس الأمن القومي» في إدارة بايدن، مراراً وتكراراً إن البيت الأبيض لم يفرض «أي خطوط حمراء» على الهجمات الإسرائيلية في غزة وجنوب لبنان. ووفقاً لتحليل أجرته صحيفة «واشنطن بوست»، أسقط الجيش الإسرائيلي أكثر من 22 ألف ذخيرة على غزة خلال الأيام الـ45 الأولى من الحرب وحدها، وهي ذخائر صُنِّعت في الولايات المتحدة.

حاصرت إدارة بايدن نفسها لأن «الخطوط الحمراء» كانت موجودة بالفعل في الكتب. ولم يكن القانون الدولي وحده - الذي تظهر إدارة بايدن ازدراءً روتينياً له عندما ينطبق على الولايات المتحدة وحلفائها - هو الذي يحظر مبيعات الأسلحة إلى البلدان التي تنتهك القانون الإنساني، ولكن العديد من القوانين الأميركية أيضاً، وكذلك السياسات التنفيذية الداخلية لبايدن.

يتطلّب القانون الأميركي واللوائح الأميركية وسياسة «نقل الأسلحة التقليدية» الخاصة بهذه التشريعات حجب المساعدة العسكرية عندما تُستخدم أسلحتنا بما يتعارض مع القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك:

  1. يتطلّب «قانون ليهي» (قانون الولايات المتحدة رقم 22، القسم 2378 دي) قطعاً تلقائياً للمساعدة الأمنية الأميركية للوحدات العسكرية الأجنبية المتورطة بشكل موثوق في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
  2. «المادة 502 ب» من «قانون المساعدات الخارجية» تحظر على الولايات المتحدة تقديم المساعدة الأمنية لأي حكومة تتورّط في نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
  3. «القسم 620 ط» من «قانون المساعدات الخارجية» الذي «...يحظر على الولايات المتحدة تقديم المساعدة الأمنية أو مبيعات الأسلحة إلى أي بلد عندما يكون الرئيس على علم بأن الحكومة تحظر أو تقيد، بشكل مباشر أو غير مباشر، نقل أو تسليم المساعدات الإنسانية الأميركية».
  4. تنص سياسة «نقل الأسلحة التقليدية» لإدارة بايدن، الصادرة في العام 2023، على أن الولايات المتحدة لن تنقل الأسلحة عندما يكون «من المرجح» أن تستخدم تلك الأسلحة لارتكاب أو تسهيل ارتكاب أو تفاقم مخاطر الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي، من بين انتهاكات أخرى محددة.
  5. في العام 2022، وقَّعت إدارة بايدن، إلى جانب أكثر من 80 دولة أخرى، على بيان مشترك بشأن «الأسلحة المتفجّرة في المناطق المأهولة بالسكان»، أعلن أن الموقعين «يدينون بشدة أي هجمات موجهة ضد المدنيين وغيرهم من الأشخاص المحميين والأعيان المدنية، بما في ذلك قوافل إجلاء المدنيين، فضلاً عن القصف العشوائي والاستخدام العشوائي للأسلحة المتفجرة»، وكلاهما يتعارض مع القانون الإنساني الدولي.

 فكيف خرج بايدن من هذه المعضلة؟

اعترفت وزارة الخارجية الأميركية بحذر بأنه «من المعقول تقييم» ما إذا كانت إسرائيل استخدمت الأسلحة التي زوّدتها بها الولايات المتّحدة في حالات قد تكون «غير متوافقة» مع التزامات القانون الإنساني الدولي ومذكرة الأمن القومي الأميركي الصادرة في شباط/فبراير 2024، والتي تطلب من الحكومات الأجنبية ضمان أنها لن تنتهك حقوق الإنسان بالأسلحة المشتراة من الولايات المتّحدة. ومع ذلك، خلصت الوزارة إلى أنه ليس لديها أي دليل دامغ على أن هذا هو الحال. والأمر الأكثر إثارة للضحك هو أن تقرير وزارة الخارجية قال إنه قَبِل بتأكيدات إسرائيل «الموثوقة والمُصدّقة» بأنها سوف تستخدم الأسلحة الأميركية وفقاً للقانون، بالنظر إلى عدم وجود معلومات كاملة للتحقّق من استخدام الأسلحة الأميركية بالتأكيد في حالات محدّدة. ولم تجد الإدارة أيضاً أن إسرائيل تعمّدت عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، على الأقل ليس في خلال الأسبوع الذي صدر فيه التقرير، ويبدو أن هذا هو كل ما أخذته الإدارة في الاعتبار.

أسقط الجيش الإسرائيلي أكثر من 22 ألف ذخيرة على غزة خلال الأيام الـ45 الأولى من الحرب وحدها، وهي ذخائر صُنِّعت في الولايات المتحدة

في حين وجّهت «مذكرة الأمن القومي رقم 20» وزارة الخارجية إلى التحقيق في «أي تقارير أو ادعاءات موثوقة» عن احتمال إساءة استخدام الأسلحة الأميركية من قِبل الحكومة الإسرائيلية، تناول فريق بلينكن 10 حوادث فقط، وتناوله لتلك الحوادث كان سطحياً أيضاً. وعندما تعلّق الأمر بمعالجة ما إذا كانت إسرائيل نفّذت «أفضل الممارسات» للحدّ من إلحاق الضرر بالمدنيين في خلال عمليّاتها العسكرية في المناطق الحضرية المكتظّة بالسكان، فشل تقرير بلينكن في تحديد وفحص أي حالات مُحدّدة، مُستشهداً ببساطة بالاستنتاج المُسكِّن لمجتمع الاستخبارات الأميركي بأن إسرائيل «يمكنها فعل المزيد» لمنع سقوط ضحايا من المدنيين.

ووفقاً لأكبر شهيد أحمد في «هافينغتون بوست»، فإن اثنين من كبار مساعدي بايدن، جاك لوف (سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل) وديفيد ساترفيلد (مبعوث الشؤون الإنسانية إلى غزة)، أدّيا أدواراً حاسمة في تخفيف انتقادات التقرير لإسرائيل، خصوصاً فيما يتعلّق بتقييد تدفق المساعدات إلى غزة. وقال أحد مسؤولي وزارة الخارجية: «مهمة ساترفيلد كانت التغطية لصالح إسرائيل».

إن الأدلة على المذبحة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين، وقصف الأهداف غير العسكرية والبنية التحتية المدنية، وقتل عمّال الإغاثة والعاملين الطبيين، وتأخير وعرقلة وتقييد المساعدات الإنسانية، دامغة، وقد وثقتها الأمم المتحدة بدقة منذ تشرين الأول/أكتوبر، وكذلك فعلت منظمات حقوقية وإنسانية، بما في ذلك «منظمة العفو الدولية» و«أوكسفام» و«هيومن رايتس ووتش». وإذا كانت وزارة الخارجية لم تتمكن من الحصول على التقييمات الخاصة بـ«وكالة المخابرات المركزية» والبنتاغون، فقد كان بإمكانها استشارة وتقييم التقارير التي أعدتها هذه المنظّمات. لكن، كما أشار كريس فان هولين، فإن «هذه التقارير المستقلّة تؤكّد على اتجاه مثير للقلق: تستشهد الإدارة بالعمل المهم الذي تقوم به هذه المنظمات عندما يناسب أغراضها، ولكنها تتجاهلها عندما لا يكون ذلك مناسباً».

في حين وجّهت «مذكرة الأمن القومي رقم 20» وزارة الخارجية إلى التحقيق في «أي تقارير أو ادعاءات موثوقة» عن احتمال إساءة استخدام الأسلحة الأميركية من قِبل الحكومة الإسرائيلية، تناول فريق بلينكن 10 حوادث فقط، وتناوله لتلك الحوادث كان سطحياً أيضاً

لذلك، دعونا ببساطة نراجع السجل من خلال تتبّع تحليق الصواريخ:

  1. في 7 تشرين الأول/أكتوبر، يوم هجمات حماس، قطعت إسرائيل الكهرباء التي كانت تزوِّد بها غزة، المصدر الرئيس للطاقة في القطاع. وظلت الكهرباء مقطوعة حتى آذار/مارس على الأقل.
  2. في 7 تشرين الأول/أكتوبر، اعتقل جيش الحرب الإسرائيلي الصحافيين الفلسطينيين نضال الوحيدي وهيثم عبد الواحد من غزة أثناء قيامهما بتغطية الهجوم الذي قادته حماس في جنوب إسرائيل. وبعد مرور أكثر من 7 أشهر، لا تزال السلطات الإسرائيلية ترفض الكشف عن مكان وجودهما أو الذرائع والأسباب القانونية لاعتقالهما.
  3. في تشرين الأول/أكتوبر، استخدمت إسرائيل «ذخائر الهجوم المباشر المشترك» أميركية الصنع في غارتين مميتتين على منازل فلسطينية في قطاع غزة المحتل، ما أسفر عن مقتل 43 مدنياً - 19 طفلاً و14 امرأة و10 رجال.
  4. في 9 تشرين الأول/أكتوبر، أدّت غارة جوية شنّتها قوات الدفاع الإسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين إلى تدمير مبانٍ عدّة متعددة الطوابق، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 39 شخصاً. ولم تجد «مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان» أي هدف عسكري محدّد أو تقارير عن تحذيرات قبل الهجوم.
  5. في 9 تشرين الأول/أكتوبر، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، «حصاراً كاملاً» على غزة: «نفرض حصاراً كاملاً على [غزة]. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود - كل شيء متوقف. إننا نقاتل حيوانات بشرية، ونتصرف وفقاً لذلك». وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر أكَّدَ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على سياسة الحصار من جديد، وأعلن «أننا لن نسمح بدخول المساعدات الإنسانية، من أغذية وأدوية، من أراضينا إلى قطاع غزة». وعلى مدار الـ 12 يوماً التالية، أغلقت إسرائيل جميع نقاط الوصول إلى غزة وقصفت بشكل متكرر معبر رفح الحدودي مع مصر. ويفرض الحصار الشامل عقاباً جماعياً على جميع سكان غزة ويخالف «المادة 620 ط» من «قانون المساعدات الخارجية».
  6. في 10 تشرين الأول/أكتوبر، دمّرت غارة جوية لجيش الحرب الإسرائيلي مبنى في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 40 مدنياً. ووفقاً لـ«منظمة العفو الدولية»، كان أحد أعضاء حماس يعيش في أحد طبقات المبنى، لكنه لم يكن موجوداً وقت القصف. وفي اليوم نفسه، أدّت غارة جوية للجيش الإسرائيلي على منزل في دير البلح إلى مقتل 21 فرداً من عائلة النجار بالإضافة إلى ثلاثة من الجيران. وتوصّل التحقيق الذي أجرته «منظمة العفو الدولية» إلى أدلة على استخدام قنبلة تزن 2,000 رطل مزودة بـ«ذخائر الهجوم المباشر المشترك»، مع مجموعة أدوات توجيه، في تلك الضربة المميتة. ولم يكن هناك أي دليل على وجود أي أهداف عسكرية مشروعة في المنطقة.
  7. في 11 تشرين الأول/أكتوبر، نفد احتياطي الوقود في محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، بعد أن منعت إسرائيل دخول الوقود إلى القطاع.
  8. في 13 تشرين الأول/أكتوبر، أدّى هجوم لدبّابة إسرائيلية في جنوب لبنان إلى مقتل صحافي وكالة «رويترز» عصام عبد الله، وإصابة مصورة وكالة «فرانس برس» كريستينا عاصي بجروح خطيرة، وإصابة 5 مراسلين آخرين، بما في ذلك مواطن أميركي. ووفقاً لتحقيق أجرته «هيومن رايتس ووتش»، فإن إطلاق النار من الجانب الإسرائيلي كان «على ما يبدو هجوماً متعمَّداً على المدنيين، وتلك جريمة حرب».
  9. في 16 تشرين الأول/أكتوبر، استخدمت القوات الإسرائيلية الفوسفور الأبيض أميركي الصنع في هجوم شنته على قرية ظهيرة بجنوب لبنان، بطريقة لا تتفق مع القانون الإنساني الدولي، ما أدّى إلى إصابة 9 مدنيين على الأقل وإلحاق أضرار بمبانٍ مدنية. وقالت وزارة البيئة اللبنانية إن ما لا يقل عن 6.82 كيلومتر مربع من الأراضي احترقت في هجمات شنتها القوات الإسرائيلية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الفسفور الأبيض. وخلص تحقيق أجرته صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم ذخائر الفسفور الأبيض التي زودته بها الولايات المتحدة في الهجمات.
  10. في 19 تشرين الأول/أكتوبر، دمّرت غارة جوية إسرائيلية مبنى في مجمع كنيسة القديس برفيريوس لليونان الأرثوذكس في قلب مدينة غزة القديمة. وكان المجمع يأوي ما يقدّر بنحو 450 فرداً من النازحين داخلياً من المجتمع المسيحي الصغير في غزة. وأسفرت الغارة عن مقتل 18 مدنياً وإصابة 12 آخرين على الأقل.
  11. في 19 تشرين الأول/أكتوبر، شنّ جيش الحرب الإسرائيلي غارتين جوّيتين على منزل عائلة ساق الله في حي الشيخ عجلين بالقرب من تل الهوى، غرب قطاع غزة، حيث كانت العائلة الممتدة تتجمع للاحتماء. وقد قُتل جميع سكان المنزل، وكان بينهم 4 أطفال و4 أطباء.
  12. في 20 تشرين الأول/أكتوبر، قُتل 28 مدنياً، بينهم 12 طفلاً، في غارة إسرائيلية دمرت منزل عائلة العايدي وألحقت أضراراً جسيمة بمنزلين مجاورين في مخيم النصيرات للاجئين. وتقع المنازل في منطقة وسط قطاع غزة، أمر الجيش الإسرائيلي سكان شمال غزة بالانتقال إليها.
  13. في 21 تشرين الأول/أكتوبر، سمحت إسرائيل فقط بعبور 20 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية تحتوي على إمدادات مثل الغذاء والمياه والأعلاف الحيوانية والإمدادات الطبية والوقود، عبر معبر رفح إلى غزة. على النقيض من ذلك، قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، كان سكان غزة يعتمدون على ما معدله 500 شاحنة محمّلة بالطعام والمياه والأدوية وغيرها من المواد الأساسية كل يوم. وبعد أشهر، عندما فتحت إسرائيل في نهاية المطاف معبري رفح وكرم أبو سالم، فرض جيش الحرب الإسرائيلي نظام تفتيش تعسفي وتقييدي أدى إلى ازدحام جماعي وطوابير طويلة تصل إلى 2,000 شاحنة. وحتى الآن، تستغرق شاحنات المساعدات الإنسانية ما متوسطه 20 يوماً للانتقال من نقطة التفتيش الإسرائيلية في العريش إلى غزة.
  14. في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أدت غارة جوية لجيش الحرب الإسرائيلي على منزل في دير البلح إلى مقتل 18 فرداً من عائلة أبو معيلق - 12 طفلاً و6 نساء - بالإضافة إلى أحد الجيران. وتوصلت «منظمة العفو الدولية» إلى أن المنزل أصيب بقنبلة تزن 1,000 رطل مزودة بـ«ذخيرة هجوم مباشر مشترك» ونظام توجيه.
  15. بين 7 تشرين الأول/أكتوبر و7 تشرين الثاني/نوفمبر، استهدفت القوات الإسرائيلية مستشفيات وعيادات عدة بالغارات الجوية، بما في ذلك مستشفى الصداقة التركية الفلسطينية، والمستشفى الإندونيسي، والمركز الدولي للعناية بالعيون. تتمتع المستشفيات بوضع الحماية بموجب القانون الإنساني الدولي، ولا تفقد حمايتها من الهجوم إلا إذا استخدمت لارتكاب «أعمال ضارة بالعدو»، على الرغم من أن التحذيرات والتناسب والتمييز لا أشياء لا تزال مطلوبة عند مهاجمتها.
  16. في 25 تشرين الأول/أكتوبر، قصفت الغارات الجوية الإسرائيلية حي اليرموك، ودمّرت 7 أبراج سكنية. وفي برج التاج السكني فقط، أدى القصف إلى مقتل 91 فلسطينياً، من بينهم 28 امرأة و39 طفلاً.
  17. في 31 تشرين الأول/أكتوبر، استهدفت غارة جوية إسرائيلية مبنى سكنياً مكوناً من 6 طبقات بالقرب من مخيم النصيرات للاجئين في وسط غزة. وأدى القصف إلى مقتل ما لا يقل عن 106 مدنيين، بينهم 54 طفلاً. ولم تقدم السلطات الإسرائيلية أي مبرر لهذا الهجوم. ولم تجد «هيومن رايتس ووتش» أي دليل على وجود هدف عسكري في محيط المبنى وقت الهجوم.
  18. في 5 تشرين الثاني/نوفمبر، أدت غارة جوية إسرائيلية على عائلة كانت تستقل سيارة في جنوب لبنان إلى مقتل 3 فتيات أعمارهن 10 و12 و14 عاماً وجدتهن. ولم تجد «هيومن رايتس ووتش» أي دليل على وجود هدف عسكري في محيط السيارة التي استُهدفت، والتي كانت تقل فقط مدنيين فارين. ووفقاً للمنظمة، فإن الهجوم على السيارة أظهر «التجاهل المتهور من جانب الجيش الإسرائيلي لالتزامه بالتمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، والفشل الكبير في اتخاذ الضمانات الكافية لمنع مقتل المدنيين».
  19. في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، أدت غارة جوية إسرائيلية على سيارة إسعاف خارج مستشفى الشفاء إلى مقتل 21 شخصاً، بينهم 5 أطفال، وإصابة 60 آخرين. سيارات الإسعاف هي أهداف مدنية محمية بموجب القانون الإنساني الدولي ولا يمكن استهدافها عند استخدامها لعلاج الجرحى والمرضى، سواء المدنيين أو المقاتلين. وبرّر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي الهجوم في مقابلة تلفزيونية قائلاً: «شاهدت قوّاتنا إرهابيين يستخدمون سيارات الإسعاف كوسيلة للتنقل. لاحظوا وجود تهديد، وبناءً على ذلك ضربوا سيارة الإسعاف تلك». ولم تجد «هيومن رايتس ووتش» أي دليل على أن سيارة الإسعاف التي تعرّضت للقصف كانت تُستخدم لأغراض عسكرية، لكنها تحقّقت من مقطع فيديو يظهر امرأة على نقالة في سيارة الإسعاف.
  20. في كانون الأول/ديسمبر 2024، دمّرت غارات جوية للجيش الإسرائيلي مبانٍ عدة في مخيّم المغازي للاجئين، ما أسفر عن مقتل 68 شخصاً على الأقل. واعترف مسؤول عسكري إسرائيلي لإذاعة «كان» العامة الإسرائيلية بأن «نوع الذخيرة لا يتناسب مع طبيعة الهجوم، ما تسبّب في أضرار جانبية واسعة النطاق كان من الممكن تجنّبها».
  21. ابتداءً من 1 كانون الثاني/يناير وحتى 12 شباط/فبراير، أعاقت السلطات الإسرائيلية أكثر من نصف بعثات المساعدات الإنسانية المقرر إرسالها إلى شمال غزة. وتضمنت القيود ما يلي: الفشل في ضمان المرور الآمن، والفشل في فتح طرق إضافية إلى شمال غزة، والتأخير المفرط والمنع التام من الوصول.
  22. في 9 كانون الثاني/يناير 2024، أصابت غارة جوية إسرائيلية مبنى سكنياً مكوناً من 5 طبقات يعود لعائلة نوفل في حي تل السلطان برفح. وأدى الهجوم إلى مقتل 18 مدنياً، بينهم 10 أطفال و4 رجال و4 نساء. وأصيب 8 آخرون على الأقل. وحدد تحليل لشظايا القنبلة أجرته «منظمة العفو الدولية» أن السلاح عبارة عن قنبلة صغيرة القطر من طراز «جي بي واي-39» موجهة بدقة، من صنع شركة بوينغ في الولايات المتحدة.
  23. في 29 كانون الثاني/يناير 2024، هاجم جيش الحرب الإسرائيلي سيارة تقل عائلة الفتاة الفلسطينية هند رجب البالغة من العمر 6 سنوات في منطقة تل الهوى بمدينة غزة. قُتل معظم أفراد عائلة عند في الهجوم الأولي، وتركت هي على قيد الحياة بين جثث أقاربها الستة. تم إرسال مُسعِفَين من «جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني» لإنقاذ هند. ودهست الدبابات الإسرائيلية سيارة الإسعاف التي كانا يستقلانها. وحددت صحيفة «واشنطن بوست» شظية طلقة عيار 120 ملم أميركية الصنع في مكان الحادث.
  24. في 2 شباط/فبراير، أطلقت سفينة تابعة للبحرية الإسرائيلية النار على قافلة تابعة لـ«وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى» (الأونروا) كانت تنتظر الدخول إلى شمال غزة عبر طريق الرشيد.
  25. في 13 شباط/فبراير، كُشِفَ عن أن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريش، كان يمنع تسليم شحنة من الدقيق المموّل من الولايات المتحدة في ميناء أشدود منذ 19 كانون الثاني/يناير 2024 على الأقل، على الرغم من أن نتنياهو أكد لبايدن أنه سيتم السماح بدخول الشحنة إلى غزة.
  26. في 16 شباط/فبراير، انخفض إنتاج المياه في غزة إلى 5.7% مما كان عليه قبل بدء الحرب، ما أدى إلى حالات من الجفاف الشديد، فضلاً عن تفشي الأمراض، بما في ذلك التهاب الكبد الوبائي (أ) والإسهال. ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر، لم يتمكّن سكان شمال غزة من الحصول على مياه صالحة للشرب، في حين أن سكان جنوب غزة، منذ آذار/مارس، لم يحصلوا إلا على لترين من الماء في المتوسط يومياً.
  27. في 24 آذار/مارس 2024، وبينما كان شمال غزة على شفا المجاعة، أبلغت السلطات الإسرائيلية الأمم المتحدة بأنها لن توافق على مرور أي قوافل غذائية تابعة «للأونروا» إلى شمال غزة. وفي اليوم نفسه، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على أشخاص كانوا ينتظرون توزيع الطعام في موقع بميدان الكويت.
  28. في 1 نيسان/أبريل، قتلت غارة جوية إسرائيلية 7 من عمال الإغاثة التابعين «للمطبخ المركزي العالمي» في ثلاث غارات جوية منفصلة على مركبات تحمل شعار المنظمة في شارع «مخصّص لمرور المساعدات الإنسانية». قُصفت السيارات الثلاث واحدة تلو الأخرى وعُثِرَ عليها مدمرة على بعد ميل ونصف تقريباً. وتمت الموافقة على الضربات من قِبل عقيدٍ وأشرف عليها رائد.

وجاء في تقرير «فريق العمل المستقل» المرتبط بـ«مذكرة الأمن القومي رقم 20»، الذي كتبته نورا عريقات والمسؤول السابق في وزارة الخارجية جوش بول: «على الرغم من أن إسرائيل عزت سقوط 34 ألف ضحية فلسطينية، 70% منهم من النساء والأطفال، إلى كونهم دروعاً بشرية مزعومة تستخدمها حماس، فإننا وجدنا أنه في 11 من أصل 16 حادثة قمنا بتحليلها، لم تحدّد إسرائيل حتى علناً هدفاً عسكرياً أو تحاول تبرير الضرب. ومن بين الحوادث الـ 5 المتبقية، سمَّت إسرائيل علناً أهدافاً مصحوبة بتحقّق في حادثتين، ولكن لم يصدر أي تحذير احترازي، وتقييمنا هو أن الضرر المتوقع للمدنيين كان معروفاً ومفرطاً».

وافق بايدن على تحويل أسلحة، معظمها أرضية، بقيمة 1.2 مليار دولار (700 مليون دولار ذخيرة دبابات، و500 مليون دولار مركبات تكتيكية، و60 مليون دولار قذائف هاون) إلى إسرائيل، وهو ما سيكون بالتأكيد بمثابة مكافأة ترحيبية عندما يتجاوز الجيش الإسرائيلي خطاً أحمر وهمياً آخر في هجومه البري على رفح

منذ أن أصدر بلينكن تقريره الذي أكد فيه ثقته في أن إسرائيل ستستخدم ترسانتها الأميركية بشكل مسؤول، أغلقت إسرائيل معبر رفح، وأجبرت أكثر من 500 ألف شخص على الخروج من المدينة، وبدأت في قصف مخيم جباليا للاجئين المدمَّر بالفعل مرة أخرى، وقصفت شاحنة مساعدات تابعة للأمم المتحدة بغارة بطائرة مُسيَّرة، وتركت 20 طبيباً أميركياً عالقين في مستشفى من دون ماء، وتوقفت عن فعل أي شىء عندما قام مئات من المستوطنين الإسرائيليين والقوات شبه العسكرية الإسرائيلية بتدمير إمدادات قافلة إنسانية وأضرموا النار في اثنتين من الشاحنات.

ورداً على هذه الفظائع الجديدة، وافق بايدن على تحويل أسلحة، معظمها أرضية، بقيمة 1.2 مليار دولار (700 مليون دولار ذخيرة دبابات، و500 مليون دولار مركبات تكتيكية، و60 مليون دولار قذائف هاون) إلى إسرائيل، وهو ما سيكون بالتأكيد بمثابة مكافأة ترحيبية عندما يتجاوز الجيش الإسرائيلي خطاً أحمر وهمياً آخر في هجومه البري على رفح.

لقد أُرسِلَت الرسالة، وتمّ استلامها.

 

نُشِر هذا المقال في Counter Punch في 17 أيار/مايو 2024، وتُرجِم وأعيد نشره في موقع «صفر» بموافقة مُسبقة من الجهة الناشرة.