Preview هل وقف الأسلحة الأميركية سيعيق الهجوم على رفح؟

هل وقف الأسلحة الأميركية سيعيق الهجوم على رفح؟

«هل تحتاج إسرائيل إلى المزيد من الأسلحة الأميركية لشنّ هجوم على رفح؟»، سؤال طرحه المُحرّر الحربي في the Guardian، وجوابه أن تهديد الرئيس الأميركي بوقف الشحنات في حال اجتياحها رفح لن يقطع الأسلحة عن إسرائيل، بل على العكس ثمّة «أنواع مختلفة من الأسلحة سوف تبقى مُتاحة لها عدا أن مخزوناتها وقوّتها الجوية لن تتأثّر بهذا القرار». 

من الثابت أن حرب الإبادة الجماعية التي تخوضها إسرائيل ضدّ الفلسطينيين في قطاع غزّة ما كانت لتكون مُمكنة لولا الانخراط الأميركي اللامتناهي في هذه الحرب بدءاً من فتح مستودعات أسلحتها أمام جيش الحرب الإسرائيلي، وإرسال أساطيلها إلى البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، واستمرار شركات الأسلحة فيها بتصنيع الأسلحة والذخائر والقنابل لصالح إسرائيل. وهذا ما ساهم في خلال 215 يوماً (حتى 8 أيار/مايو) بقتل أكثر من 34,800 فلسطيني، وجرح أكثر من 78 ألف آخرين، وفقدان ما لا يقل عن 10 آلاف إنسان ونزوح 1,7 مليون آخرين من ضمنهم 1,1 مليون يعانون من جوع شديد. 

وهذه الإمدادات العسكرية التي يهدّد الرئيس الأميركي جو بايدن بوقفها بعد 7 أشهر من استمرار الولايات المتحدة بشحنها إلى إسرائيل، والانخراط الأميركي المباشر في الحرب، يُضافان إلى دعم لا محدود تحصل عليه إسرائيل منذ عقود سبقت هذه الحرب. فقد حصلت إسرائيل من الولايات المتحدة على ما يزيد عن 260 مليار دولار من المساعدات العسكرية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتّى 2022، ما سمح لها بتطوير تكنولوجياتها العسكرية والحربية وفنون القتل والإبادة التي تمارسها ضدّ الفلسطينيين.

من الصعب الحصول على أرقام دقيقة حول شحنات الأسلحة الأميركية التي وصلت إلى إسرائيل منذ بدء حرب الإبادة الجماعية بسبب السرّية المحيطة بهذا العالم، ولأن «توريد الأسلحة قد يستند في كثير من الأحيان إلى موافقات قديمة تعود إلى سنوات خلت صادرة عن الكونغرس الأميركي تسمح بإرسال الأسلحة من دون الحاجة إلى موافقات جديدة» وفق المحرّر الحربي للغارديان. مع ذلك، هناك الكثير من المعلومات المُتاحة التي قد تعطي صورة عن حجم الأسلحة التي تملكها إسرائيل والموضوعة بتصرّفها والتي لن يؤثّر فيها التهديد الأميركي الراهن بوقف الإمدادات. 

ففي آذار/مارس الماضي، أفاد مسؤولون أميركيون للكونغرس بأنه أجريت أكثر من 100 عملية بيع سلاح مستقلة مع إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. وبحسب مركز الأبحاث الأميركية «Foundation For Defense of Democracies»، عانت وزارة الدفاع الأميركية للعثور على طائرات شحن كافية لتسليم الأنظمة الحربية لإسرائيل نظراً لكثافة الشحنات المُرسلة. وهذا غيض من فيض، فقد سمحت اتفاقية لمدّة 10 سنوات وقّعها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في العام 2016 بتوفير أسلحة بقيمة 3.3 مليار دولار سنوياً لإسرائيل. وبدأت الأخيرة بالاستفادة منها منذ العام 2018، بالإضافة إلى 500 مليون دولار أخرى سنوياً لأنظمة الدفاع الجوي. فضلاً عن ذلك، وافق الكونغرس في نيسان/أبريل الماضي على منح إسرائيل مساعدات عسكرية إضافية بقيمة 13 مليار دولار من ضمنها 5.2 مليار دولار لتعزيز الدفاعات الجوّية الحالية.

صحيح أن البنتاغون لم ينشر الكثير من التفاصيل عن المساعدات التي تلقّتها إسرائيل منذ بدء الحرب وحتى الآن، ولكن ما نشِر كافٍ ليعطي صورة ولو مُجتزأة عن القوّة الحربية الإسرائيلية والمخزونات التي تملكها وليشكّك في تأثير القرار الأميركي الأخير. 

ومن بين ما سرّب عن البنتاغون وما كشفه الأخير بنفسه، يتبيّّن أنه بحلول نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي تم توريد نحو 2,000 صاروخ «هيلفاير»، و3,000 صاروخ مُضاد للتحصينات من طراز M141، و200 ذخيرة مُسيّرة من طراز «سويتشبيلد-600» تتضمّن رأساً حربياً مصمّمة لضرب المركبات المُدرّعة والأنفاق واستهداف القوّات العسكرية المكشوفة، بالإضافة إلى 400 قذيفة «هاون»، و36,000 رصاصة لمدافع مروحيّات أباتشي من عيار 30 مليمتراً، ونحو 75 مركبة محمية من طراز Joint Light Tactical. وبحلول تشرين الثاني/نوفمبر، تم إرسال مجموعات من القنابل الدقيقة بقيمة 320 مليون دولار. وفي كانون الأول/ديسمبر، أرسل نحو 14 ألف قذيفة للدبّابات بقيمة 106 ملايين دولار و57 ألف قذيفة مدفعية عيار 155 ملم بقيمة 147.5 مليون دولار و30 ألف مدفع هاوتزر.

تفيد التقارير أن الولايات المتحدة نقلت قنابل بزنة تصل إلى 2,000 رطل، وهي أثقل بأربع مرّات من أكبر القنابل التي استخدمتها الولايات المتحدة ضد داعش في الموصل، وقادرة على تفجير مبنى سكني وترك حفرة بعرض 12 متراً. هذه القنابل هدّد بايدن بوقف إرسالها إلى إسرائيل، لكن العديد من التقارير ترجّح وجود مخزون منها سيتم استخدامه في الهجوم على رفح. علماً أنه تمّ استخدامها في وقت سابق من هذه الحرب وفق تحقيق لشبكة CNN عاين عبر صور الأقمار الإصطناعية حجم الحفر التي ولّدها القصف على قطاع غزّة. 

السؤال الذي يطرحه مُحرّر الغارديان أساسي: «من دون القنابل الأميركية الكبيرة التي هدّد بايدن بقطعها، كم يبلغ عدد القنابل التي خزّنها جيش الحرب الإسرائيلي؟»، الجواب ليس سهلاً حتماً. ولكن وفق المحرّر، «رداً على هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، فتحت الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى مخزونها من الأسلحة في إسرائيل، والذي قد يحتوي على ذخائر من أنواع مختلفة بقيمة تصل إلى 4.4 مليار دولار وفقاً لتقدير بحثي للكونغرس».  ويتابع المحرّر «أن الفئة المحدودة من الأسلحة التي منعها بايدن، لا تطال أنواع أخرى من الأسلحة المتاحة لإسرائيل، بما في ذلك قذائف الدبابات وقذائف المدفعية. وأيضاً لم تتأثّر القوات الجوية الإسرائيلية بالقرار، إذ تمت الموافقة على بيعها 25 مقاتلة أخرى من طراز F-35 في آذار/مارس الماضي كجزء من صفقة أجازها الكونغرس في العام 2008». 

في الخلاصة التي يعرضها مُحرّر الغارديان يبدو من المؤكّد أن إسرائيل قادرة على المضي قدماً في هجومها الذي تهدّد به في رفح بمعزل عن النتائج التي قد تسفر عنها.