Preview South Lebanon Evacuation

تكتيكات الأرض المحروقة
إسرائيل تُجبر سكان 87 بلدة في الجنوب على إخلائها

منذ بداية الشهر الحالي، وجّه جيش العدو الإسرائيلي 4 «إنذارات عاجلة» إلى سكان 87 قرية في محافظتي الجنوب والنبطية، يأمرهم فيها بإخلاء بيوتهم فوراً والخروج من قراهم تمهيداً لقصفها، والتوجّه نحو شمال نهر الأولي في صيدا، ويهدّدهم بأن أي تحرّك جنوباً سيعرّض حياتهم للخطر. 

تتوزّع القرى التي أفرغها العدو من سكانها على 6 أقضية هي: مرجعيون، بنت جبيل، صور، صيدا، النبطية وجزين. ويبدو من خريطة هذه القرى أنه يحاول إقامة منطقة خالية من السكان تمتد على الحدود اللبنانية الفلسطينية، إذ تتركّز الكثير من هذه القرى في المنطقة الساحلية بالقرب من مدينة صور وتمتدّ شمالاً وصولاً إلى سكسكية في قضاء صيدا وجنوباً وصولاً إلى شاطئ البياضة. وتظهر خريطة القرى التي صدرت أوامر بإخلائها أن هناك شريطين عرضيين فاصلين يسعى جيش العدو إلى إقامتهما، الأول ضمن القرى الواقعة في قضاء صور على ضفتيْ نهر الليطاني، بدءاً من مدينة صور ويتجه شرقاً مروراً بالعباسية وصولاً إلى صريفا ومنها إلى قضاء مرجعيون، فضلاً عن شريط موازٍ جنوب الشريط الأول ويمتد من صور ويتجه شرقاً مروراً بعين بعال والبازورية وزبقين وجبال البطم وغيرها من القرى المجاورة وصولاً إلى قضاء بنت جبيل. 

تتضمّن خريطة أوامر الإخلاء مدينة النبطية أيضاً والقرى المحيطة بها، وتمتدّ منها شرقاً نحو قرى في مرتفعات قضاء مرجعيون مثل القليعة ودير ميماس، وأخرى في جنوب القضاء. كما تتضمّن الخريطة قرى على الشريط الحدودي تنطلق من عيترون ومارون الراس ويارون وتتجه شمالاً مروراً ببنت جبيل وطيري وحداثا. 

https://alsifr.org/evacuation-orders-south-lebanon

يسعى جيش العدو إلى فرض منطقة عازلة بالنار في جنوب لبنان تمنع عبور الناس من شمال النهر الأولي في صيدا إلى جنوبه، إذ أجبر ما تبقى من سكّان في المناطق الواقعة جنوب نهر الأولي على النزوح إلى مسافة تبعد 60 كيلومتراً عن المنطقة الحدودية، في أوسع عملية إخلاء يشهدها لبنان منذ بدء الحرب في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023. 

تذكّر تحذيرات الإخلاء القسرية في جنوب لبنان بالنمط نفسه الذي اعتمده جيش الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية على غزّة، حين جاهر أن أحد أهداف حربه هو إنزال أكبر الخسائر البشرية والمادية. ولتحقيق تلك الأهداف تعمّد سياسة «الأرض المحروقة»، التي تقوم على تدمير كل ما يمكن أن يفيد في مقاومته. وإسرائيل تعتبر لبنان كما غزّة، كيانات معادية لها، وتصنّف كل ما هو قائم فيهما، بما في ذلك السكان، مفيداً للمقاومة وتسعى إلى تدميره.

منذ تصعيد العدو الإسرائيلي لعدوانه على لبنان في 23 أيلول/سبتمبر الماضي وحتى 4 تشرين الأول/أكتوبر الحالي»، ساهمت غاراته العنيفة والهمجية بتهجير أكثر من 1.1 مليون إنسان، ليضافوا إلى نحو 110 آلاف نازح سبق أن تهّجروا من قراهم في الأشهر الـ11 الأولى من الحرب. وبالتالي باتت الكثير من القرى الآن ساحات خالية، حيث ينفّذ العدو تكتيكات الأرض المحروقة ويسوّي البنى الحضرية بالأرض. في الأسبوعين الماضيين، قصفت إسرائيل 4600 هدف في لبنان، وقتلت أكثر من 2000 إنسان وجرحت نحو 9500 آخرين، وتشير التقديرات الأولية لصور الأقمار الاصطناعية التي حلّلتها «فايننشال تايمز» إلى تدمير أكثر من 3100 مبنى حتى الآن في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع.