Preview pmi lebanon

أسرع تدهور في نشاط القطاع الخاص اللبناني منذ 2021

تراجع النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص في لبنان في أيلول/سبتمبر 2024، للشهر الثاني على التوالي، بحسب مؤشر Blom Lebanon PMI، وسجّل أدنى مستوى له في 33 شهراً، كما سجّل أسرع تدهور في النشاط الاقتصادي منذ كانون الأول/ديسمبر 2021، بمعنى أنه عاد إلى المستوى الذي كان عليه في عزّ أزمة الانهيار النقدي والمصرفي في لبنان. 

وبحسب التقرير الشهري الذي يصدره «بلوم بنك»، تراجع المؤشر من 47.9 نقطة في آب/أغسطس 2024 إلى 47 نقطة في أيلول/سبتمبر 2024 بسبب تصعيد العدوان الاسرائيلي الذي أثّر سلباً على الشركات اللبنانية، إذ تراجع مستوى النشاط التجاري والطلبات الجديدة فيها، وخصوصاً طلبات التصدير الجديدة. وتقول محلّلة البحوث في بنك لبنان والمهجر للأعمال ميرا سعيد، إن «الطلب المحلي يقتصر على السلع الأساسية في خلال الحروب، بينما يتجنّب الزبائن الأجانب الطلبات من البلدان المتأثّرة بالنزاعات بسبب زيادة تكاليف الشحن واضطرابات الشحن واضطرابات سلاسل التوريد، ما أدّى أيضاً إلى ارتفاع أسعار الإنتاج». 

واللافت أن البيانات التي حلّلها الاستبيان جُمِعت بين 12 و24 أيلول/سبتمبر، أي قبل التصعيد الإسرائيلي الاخير بدءاً من 23 أيلول/سبتمبر 2024. وهذا يعني أن التراجع سوف يكون السمة الراجحة لنشاط القطاع الخاص في الأشهر المقبلة مع استمرار العدوان الإسرائيلي. وبالفعل تقول سعيد «إن أكثر الجوانب المؤسفة هو تشاؤم القطاع الخاص تجاه آفاق البلاد (...) يواجه لبنان لحظة حاسمة، ويحتاج بشدّة إلى الاستقرار لإنعاش اقتصاده المتعثر، لكن لا توجد أي مؤشرات على تحقيق ذلك قريباً». 

يتم إعداد مؤشّر PMI Blom Lebanon من قبل مجموعة S&P Global عبر الاستعانة بالردود على الاستبيانات المُرسلة إلى مدراء المشتريات في هيئة تضم نحو 400 شركة من شركات القطاع الخاص، مقسّمة حسب حجم القطاعات ونسبة مساهمتها في الناتج المحلي، وحجم القوى العاملة في الشركات. ويغطّي المسح قطاعات الزراعة والتعدين والتصنيع والإنشاءات والبيع بالجملة والتجزئة والخدمات. ويتراوح المؤشر بين صفر و100، وتعبّر العلامة التي تزيد عن 50 عن تحسّن عام مقارنة بالشهر السابق، فيما تشير العلامة التي تقل عن 50 عن انخفاض عام.

ويبدو أن التطوّرات الأخيرة للحرب رفعت من اضطرابات سلاسل التوريد المتواصلة منذ أزمة كوفيد-19، وحرب أوكرانيا، ولاحقاً حرب الإبادة على غزّة وتعطّل الشحن عبر البحر الأحمر. ويقول معدّو المؤشر إن زيادة تكاليف الشحن واضطراباته عطّلا وأربكا نشاط الشركات المستطلعة على طول سلسلة التوريد بدءاً من الإنتاج والطلب وصولاً إلى الاستهلاك. 

الإنتاج والطلب 

بحسب المؤشر، انخفض مستوى النشاط التجاري لشركات القطاع الخاص اللبناني في أيلول/سبتمبر 2024. وسجّل معدّل الانخفاض الأكثر حدّة منذ كانون الأول/ديسمبر 2021. 

ووفقاً لبيانات المسح فقد تأثرت طلبات الإنتاج الجديدة التي استلمتها شركات القطاع الخاص خلال أيلول/سبتمبر بالتصعيد الإسرائيلي، وسجّلت انخفاضاً حاداً لتصل وتيرة الانكماش إلى أعلى مستوى لها منذ كانون الثاني/يناير 2022. وبالنتيجة، لجأت مجموعة من الشركات إلى تخفيض عدد موظفيها بسبب انخفاض الأعمال الجديدة. 

وترافق ذلك مع انخفاض كمّية المبيعات للعملاء الدوليين في نهاية الربع الثالث من العام 2024. وأشار الاستطلاع إلى أن انعدام الاستقرار محلياً وفي المنطقة عموماً أثنى العملاء الدوليين عن تقديم طلبات تصدير جديدة. وكان معدل الانخفاض في طلبات التصدير الجديدة الأعلى في أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة.

الشراء والمخزون

نتيجة تراجع طلبات الإنتاج والتصدير، خفّضت الشركات، ولو بشكل طفيف، مشتريات المواد الخام والسلع شبه المصنعة والمواد الأخرى التي تحتاجها لإنجاز الطلبات. 

صحيح لم يشهد مخزون السلع المشتراة أي تغيير، ولكن سلسلة تراكم المخزون التي امتدت لثلاثة أشهر توقفت الآن. لقد أدّى انخفاض الأعمال الجديدة إلى دفع الشركات المشاركة في المسح إلى تخفيض إنفاقها في أيلول/سبتمبر، والتروي في شراء مواد تدخل في عملية الإنتاج لا سيما في ظل التوقعات السلبية. 

الأسعار

تزامن انخفاض الأنشطة الشرائية مع زيادة مُتسارعة في أسعار المشتريات. ووفقاً للشركات التي شملها الاستطلاع، ارتفعت التكاليف التشغيلية التي تحمّلتها شركات القطاع الخاص في نهاية الربع الثالث من العام 2024 بأسرع وتيرة لها في ثلاثة أشهر، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى ارتفاع تكاليف الشحن في الفترة السابقة. وهذا ما دفعها إلى تمرير زيادة تكاليفها، وبالتالي ارتفعت أسعار سلعها وخدماتها في أيلول/سبتمبر للشهر الرابع على التوالي.