Preview binance gaza

تجميد حسابات الفلسطينيين على Binance:
فصل جديد من فصول الإبادة

يتداول الكثير من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي قيام شركة Binance للعملات المشفّرة بتجميد أموال الفلسطينيين المستخدمين لتطبيقها، وبالتالي منعهم من إجراء عمليات تبادل وتحويل بطلب من الجيش الإسرائيلي.

وأثيرت القضية بعدما نشر راي يوسف، الرئيس التنفيذي لمنصّة سوق البيتكوين NoOnesApp، حسابه على منصة إكس أن «Binance صادرت أموال فلسطينيين بناءً على طلب جيش الدفاع الإسرائيلي. وإنها ترفض إعادة الأموال. كما رفض جميع الشكاوى المقدّمة». 

وأرفق يوسف كلامه بوثيقة يقول إنه حصل عليها من مصادره في Binance، وهي عبارة عن رسالة موقّعة في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، من رئيس المكتب الوطني الإسرائيلي لمكافحة تمويل الإرهاب، ترفض استئنافاً ضدّ أمر مصادرة أموال من شركة دبي للصرافة في غزّة، المصنّفة كـ«منظمة إرهابية». وتقول الرسالة المكتوبة باللغة العبرية، إنه بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، يحقّ لوزير الحرب الإسرائيلي أن يأمر «بمصادرة ممتلكات منظمة إرهابية معلنة بشكل مؤقت، وكذلك مصادرة الممتلكات التي استخدمت لارتكاب جريمة». 

أشعل المنشور جدلاً على وسائل التواصل الاجتماعي، استنكاراً لتواطؤ Binance مع الاحتلال الإسرائيلي، ووجّهت دعوات لمقاطعة الشركة، فضلاً عن تساؤلات عن «الأمان المفترض» الذي تتميّز به العملات الرقمية اللامركزية في مقابل العملات الوطنية التي تصدرها المصارف المركزية والقابلة للتتبع والمصادرة بقوة القانون.

في منشور على إكس حصد أكثر من مليون مشاهدة، لم ينفِ الرئيس التنفيذي للشركة ريتشارد تنيغ استيلائه على أموال فلسطينيين، لكنه اعتبر القرار محصوراً بـ«عدد محدود فقط من حسابات المستخدمين المرتبطة بأموال غير مشروعة. ولذلك منعت من إجراء المعاملات»، وبرّر القرار بأن Binance «منصّة عالمية لتبادل العملات المشفّرة، ولذلك هي تلتزم بقوانين مكافحة غسل الأموال المقبولة دولياً، مثل أي مؤسسة مالية أخرى». مع ذلك، لم يخفّف منشور تنيغ من التعليقات المستنكرة لخطوة Binance.

في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي 2023، وفيما وصفته وزارة الخزانة الأميركية بأنه أكبر تسوية في التاريخ، تعيّن على Binance دفع غرامات بقيمة 3.4 مليار دولار إلى شبكة مكافحة الجرائم المالية في الولايات المتحدة الأميركية، ونحو 968 مليون دولار إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية لفشلها في منع المعاملات المشبوهة مع «المنظمات الإرهابية» والإبلاغ عنها، بما في ذلك «كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس، والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وتنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، بتهمة تسهيل تجارة العملات المُشفّرة بين المستخدمين الأميركيين وإيران وكوريا الشمالية وسوريا ومنطقة القرم في أوكرانيا». 

أقرّت الشركة ورئيسها التنفيذي السابق تشنغ بينغ تشاو العام الماضي بانتهاك قوانين مكافحة غسل الأموال الأميركية، ووافقا على دفع غرامات تزيد عن 4 مليارات دولار. وفي نيسان/أبريل، حُكم على تشانغ بينغ تشاو، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Binance بالسجن لمدة أربعة أشهر بعد إقراره بانتهاك قوانين غسل الأموال الأميركية في أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم.

أيضاً في شباط/فبراير الماضي، رفع متضررون من هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر دعوى قضائية ضد Binance، بـ«تهمة تسهيل تمويل ومعاملات مالية لحركة حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وفقاً لملف قدِّم إلى المحكمة الجزائية للمنطقة الوسطى في ألاباما». وسعى المدعون التسعة إلى الحصول على تعويضات من شركة Binance والشركات التابعة لها ومن الرئيس التنفيذي تشانغ بينغ تشاو بموجب قانون مكافحة الإرهاب وقانون المسؤولية التقصيرية للأجانب لمساعدتهم والتحريض عليهم وتوفير الدعم المادي والموارد للمنظمتين الأجنبيتين اللتين حدّدتهما الولايات المتحدة».

مع ذيوع الخبر الأخير عن إغلاق Binance لحسابات الفلسطينيين، تناقلت الصحف بيانات نشرتها الحكومة الإسرائيلية تفيد بمصادرة 190 حساباً على Binance مرتبطاً بالإرهاب منذ العام 2021. لكن الأرقام المعروفة أكثر من ذلك بكثير.  ففي 16 تشرين الأول/أكتوبر 2023، نقلت فاينانشال تايمز عن مصادر أن أكثر من 100 حساب على Binance أغلقت منذ بدء 7 تشرين الأول/أكتوبر، ما يعني أنه في بضعة أيام تلت بدء حرب الإبادة، أغلقت إسرائيل أكثر من نصف الحسابات التي أغلقتها على مدار سنتين، كما طلبت السلطات معلومات عن نحو 200 حساب تشفير إضافي، معظمها موجود على Binance. 

لم تأتِ الخطوة الإسرائيلية من دون دعم غربي معتاد. وبحسب صحيفة معاريف، ففي كانون الثاني/يناير 2024، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن عقوبات جديدة ضد حركة حماس، إلى جانب بريطانيا وأستراليا، كما فرضت عقوبات على شبكات الصرافة في قطاع غزة بذريعة مساعدة «منظمة إرهابية»، من خلال استخدام العملات المشفرة التي تجعل مكافحة تمويل الإرهاب أكثر صعوبة.

وبحسب معاريف أيضاً، «أحد السلاسل المستهدفة تابعة لعائلة شملخ التي تدير شركتين للصرافة هما «المركزية للصرافة»، و«العربية الصينية للتجارة»، ولهما فروع في غزة وتركيا، وقد استهدفت بسبب تحويل الأموال من فيلق القدس التابع للحرس الثوري، إلى حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني في قطاع غزة». أما السلسلة الثانية فتنتمي إلى عائلة حرزالله، وبحسب معاريف «قامت شركة صرافة يملكها محمد ونعيم وصلاح حرزالله، بعمليات تحويل أموال، بما في ذلك من خلال العملات المشفرة، حيث ركز محمد حرزالله على عمليات تحويل الأموال، بينما عمل صلاح حرزالله كمسؤول رئيسي عن غسل الأموال». بالإضافة إلى ذلك، فرضت عقوبات على سمير حرزالله وشركة الصرافة التابعة له، التي «نقلت ملايين الدولارات من مصادر شرق أوسطية إلى حماس منذ العام 2014، وعلى طير عبد الرزاق حرزالله، الذي نسّق تحويلات بملايين الدولارات من تركيا».

بحجّة مكافحة الإرهاب، تضيّق إسرائيل الخناق على الشركات الفلسطينية التي تعد قنوات للتحويلات المالية التي يستفيد منها الفلسطينيون. وما يحصل في Binance اليوم يندرج في هذا الإطار أيضاً. علماً أنه منذ آب/أغسطس 2023، زادت تعاملات الفلسطينيين عبر Binance بنسبة 80%، ما يعني أن المنصة أصبحت ذات أهمية أكبر لهم منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية، وتدمير القطاع المصري، وإغلاق المعابر مع الداخل المحتل.

إن ما يحصل في Binance هو فصل آخر من سياسة عزل الفلسطينيين وإبادتهم وقطع أي سبل للحياة عنهم. علماً أن نهج الحصار المالي متواصل منذ عقود.