الحرب المستمرة

أعلنت شركة «ميرسك» الدنماركية عن وقف كلّ رحلاتها عبر البحر الأحمر حتّى إشعار آخر، وإعادة توجيه مسارات سفنها إلى رأس الرجاء الصالح والالتفاف حول أفريقيا، وذلك في أعقاب الهجمات التي نفذّتها حركة «أنصار الله» ضدّ السفن ذات الصلة بإسرائيل، أو المتّجهة إليها ومنها.

فيما كانت قمة المناخ منعقدة في دبي، كانت إسرائيل تقصف قطاع غزة بآلاف الأطنان من المتفجرات، التي بعثت نحو 60 مليون طن من الكربون في خلال 35 يوماً فقط من الحرب المستمرّة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. ومع ذلك، غابت المأساة التي تصنعها دولة الاحتلال في غزّة بالكامل عن نقاشات المناخ، ولم يتخذ أي تدبير لوقف الجرائم الإسرائيلية.

يقترح الخبراء العسكريون إضافة غزّة إلى لائحة «أعنف حملات القصف التقليدي غير النووي التي شهدها التاريخ»، ففي مقارنة لحجم الدمار الذي تعرّض له القطاع وكمّية ونوعية الذخائر المستخدمة في القصف، يتبيّن أن التدمير والقتل يفوق ما سجّل في المدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية أو مدينة الموصل في خلال الغزو الأميركي للعراق.

تتزايد جهود دولة الاحتلال لتوسيع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية، فالموازنة الأخيرة التي صوّت عليها الكنيست بداية هذا الشهر، خصّصت 343 مليون شيكل لوزارة المستوطنات، وهذا ليس سوى جزءاً من سياسة التوسع الاستيطاني المحتدمة وتتضمّن تدمير المنازل وتشجيع الهجرة اليهودية إلى المناطق ذات الغالبية الفلسطينية وتهجير التجمعات البدوية.

لم يكن إضرابا عامّاً عالمياً من أجل غزّة، ولكنه شكّل خطوة رمزية إضافية لرفع مستوى التضامن مع الفلسطينيين ضدّ الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل عليهم. وإذا كانت حركة التضامن العالمي ما زالت غير قادرة على التأثير بشكل واضح على الموقف الغربي، إلا أن تناميها يستحق النقاش حول ما إذا كان يشكّل بداية حركة أممية ضد الاستعمار.

أكثر من 112 بلداً في العالم تصنّفه إسرائيل، اليوم، كوجهة سفر خطرة وتحذّر الإسرائيليين من السفر إليها أو المكوث فيها. يمثّل هذا العدد نحو 57% من مجمل البلدان على الكرة الأرضية، ويغطي مساحة آسيا وأفريقيا وأستراليا وأميركا الجنوبية والجزء الأكبر من أوروبا.

محاضرة لأنتوني لوينستاين يتحدّث فيها عن كتابه « المختبر الفلسطيني» الذي يبحث في صناعة الأسلحة الإسرائيلية والتكنولوجيا العسكرية واستخدامها الفلسطينين كحقل تجارب لتسويق هذه الأسلحة والتقنيات في العالم باعتبارها مجرّبة ومثبتة فعاليتها.

الخطر الذي يطال الفلسطينيين في غزّة لا ينحصر بالقصف الذي قد يتعرّضون له في أي لحظة، بل ينسحب أيضاً على خطر تفشّي الجوع والأوبئة، وهو ما اعتبره مفوض الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك «أمراً حتمياً». بمعنى أن النجاة من القصف الإسرائيلي.

تزايد التضامن مع الفلسطينيين كقضية عالمية، وانضمام النقابات العمّالية إلى هذه الحركة، من خلال ربطها بنضالاتهم اليومية، هو بمثابة مؤشر، ولو بسيط، إلى احتمالات ظهور شكل جديد من المقاومة العمّالية، ولذلك، يُعتبر انضام الاتحاد العالمي لعمّال السيّارات مهماً في هذا السياق.