Preview boycott results

حركة مقاطعة إسرائيل: انتصارات صغيرة في ظل الجرائم الكبيرة

نجح التحالف العالمي «أوقفوا مساعدة Axxa لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي» بدفع شركة التأمين الفرنسية العملاقة إلى بيع استثماراتها المتبقية في جميع البنوك الإسرائيلية، التي تموIل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وبلغت الاستثمارات المسحوبة  أكثر من 2.5 مليون سهم بقيمة تزيد عن 20 مليون دولار، مستثمرة في كل من البنوك الإسرائيلية هبوعليم وديسكاونت ولئومي.

ليس هذا الانتصار الأول لحركات مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، التي نجحت حتى الآن بإجبار الكثير من المؤسسات إمّا على سحب استثماراتها من إسرائيل، أو من الشركات العاملة في الضفة الغربية المحتلة، أو على قطع علاقاتها مع الاحتلال بشكل عام، وشملت هذه الإجراءات مؤسّسات مختلفة من شركات خاصة وصناديق تقاعد وجامعات وكنائس.

Previewdivestment results

«إلبيت سيستمز»، أكبر شركة إسرائيلية في عالم السلاح، وأحد أكبر المستفيدين من الإبادة في قطاع غزة، كانت هدفاً أساسياً لحركات المقاطعة، ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي، قالت منظمة «فلسطين أكشن» إن iO Associates أنهت علاقتها مع «إلبيت سيستمز»، علماً أن iO Associates هي شركة التوظيف الوحيدة للفرع البريطاني لشركة «إلبيت سيستمز»، وكانت تقوم بتوظيف المهندسين ومطوري البرمجيات وموظفي التمويل لمصلحة الشركة في جميع أنحاء بريطانيا. وفي شباط/فبراير الماضي، قرّرت إحدى أكبر الشركات التجارية اليابانية، «إتوشو»، إنهاء شراكتها مع «إلبيت سيستمز»، بسبب الحرب في قطاع غزة، هذا على الرغم من توقيع اتفاقية تعاون في آذار/مارس 2023، أي قبل أشهر من اندلاع حرب الإبادة الجماعية. وقبلها بأيام قالت شركة النقل Kuehne+Nagel إنها أنهت جميع العلاقات مع إلبيت سيستمز، ولن تعمل معها مرة أخرى في المستقبل.

إلبيت سيستمز ليست المتضررة الوحيدة من عمليات المقاطعة، ففي نيسان/أبريل الماضي، قال وزير المالية الأيرلندي مايكل ماكغراث إن صندوق الاستثمار السيادي الأيرلندي، البالغ قيمته 15 مليار يورو، سوف يسحب استثماراته من ست شركات إسرائيلية، بما في ذلك بعض أكبر بنوكها، بسبب أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة. أما جامعة كلية ترينيتي المرموقة في دبلن، فقد وافقت على سحب استثماراتها من شركات إسرائيلية بعد احتجاجات طالبية.

تنضمّ الكلية الإيرلندية إلى قائمة طويلة من الجامعات التي أجبرتها حركات المقاطعة الطالبية على اتخاذ قرارات متناقضة مع مصالح الاحتلال، ككلية إيفرغرين ستيت، وكلية الاتحاد اللاهوتية (union theological seminary)، وجامعة ويسليان، وجامعة كوبنهاغن التي أعلنت أنها ستسحب استثماراتها من الشركات العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو جامعة برشلونة التي صوّتت على إنهاء العلاقات مع إسرائيل بشكل كامل، وقطع العلاقات المؤسسية أو الأكاديمية مع الجامعات والمعاهد البحثية والشركات الإسرائيلية.

مجالس المدن والبلديات كانت أيضاً ممن اضطروا إلى مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، مثل مجلس مدينة هايوارد الذي وافق على سحب 1.6 مليون دولار من شركات لها علاقات بإسرائيل، بالإضافة إلى مجلس مدينة ريتشموند، وبلدية كوبنهاغن. وطال الأمر الكنائس أيضاً، مثل الكنيسة المشيخية الأميركية التي سحبت استثماراتها من السندات الإسرائيلية وأدانت الصهيونية المسيحية، أو الكنيسة الميثودية المتحدة التي وجهت دعوة إلى مديري استثمارات الكنائس لاستبعاد سندات ثلاث دول - إسرائيل وتركيا والمغرب - التي تحتلّ شعوباً منذ زمن طويل.

أيضاً لم تستطع صناديق التقاعد إلا الرضوخ لمطالب أعضائها، ففي 7 آب/أغسطس، باع يو أس أس، أكبر صندوق تقاعد خاص في بريطانيا، نحو 80 مليون جنيه إسترليني من الأصول الإسرائيلية، وجاءت هذه الخطوة بعد ضغوط متواصلة من أعضاء صندوق التقاعد، الذين أعربوا عن قلقهم إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في إسرائيل، على الرغم من إنكار الشركة لتأثرها بقلق أعضائها، مشيرة إلى أن الخطوة هي مالية بحتة. وهذه الخطوة شبيهة بتلك التي أطلقها صندوق التقاعد النرويجي، الذي باع حصته البالغة 69 مليون دولار في مجموعة caterpillar الصناعية الأميركية بسبب خطر استخدام معداتها في انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، وكذلك خطوة فيليف، وهو صندوق تقاعدي دنماركي يضم 420 ألف عضو، والذي أعلن أنه سوف يسحب استثماراته من 11 مصرفاً في إسرائيل.

هذه الانتصارات الصغيرة لحركات مقاطعة إسرائيل ليست متناسبة مع الجرائم الكبيرة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزّة والضفة الغربية وجنوب لبنان، إلا أنها تمثّل علامات فارقة مهمّة تعاكس انحياز الغرب وحكوماته وشركاته للحركة الصهيونية ومشروعها الاستعماري في المنطقة، وبالتالي تمنح الأمل إلى المناضلين والمناضلات ضد هذا الاستعمار في أن هناك إمكانية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها الفظيعة… ولو بعد حين.