البحث عن الاستقرار: السياسة الديمقراطية للمصارف المركزية
إن النهج الأكثر ديمقراطية في التعامل مع البنوك المركزية، والذي لا يهدف إلى تحقيق حالة من الركود بل إلى الحفاظ على مرونة المجتمع السياسي، سوف يكون من دون أدنى شكّ أكثر سياسية. وقد يعمل هذا النهج على تمكين الهيئة التشريعيّة من الانخراط في سياسة الائتمان، وتحديد من يستحق دعم خطة الإنقاذ، وإعادة تقييم وهيكلة البنك المركزي، وتوجيه السياسة.
صحيح أن المزيد من البنوك المركزية السياسية، والمزيد من البنوك المركزية الديمقراطية، من شأنه أن يعني حتماً المزيد من عدم اليقين، ومن المرجّح أن يعني المزيد من التقلّبات السياسية. ولكن هذا النهج سوف يكون أيضاً أكثر مرونة لأن هذا التغيير سوف يحدث وفقاً لعمليات سياسية ديمقراطية يمكن التنبؤ بها وإدارتها. والبديل هو التمسّك بالركود، وبالتالي إنتاج تقلّبات لا يمكن التنبّؤ بها.
لسببٍ وجيه وُصفت البنوك المركزية بأنّها «سعي لتحقيق الاستقرار»، ذلك أن كل بنك مركزي رئيسي تقريباً يؤدّي اليوم دوراً أساسياً في تأمين استقرار الأسعار. على سبيل المثال، يرى بنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه مسؤولاً عن تأمين استقرار الأسعار، وتحقيق أقصى قدر من العمالة المستدامة. فيما عُهدَ إلي البنك المركزي الأوروبي الذي أُنشِئ بموجب معاهدة ماستريخت في العام 1993 أن يُحافِظَ على استقرار الأسعار، أمّا بنك اليابان فهو «يقرّر وينفّذ السياسة النقدية بهدف الحفاظ على استقرار الأسعار» وهو أمر مهمّ «لأنه يوفر الأساس للنشاط الاقتصادي للأمّة»... وعليه، منذ العام 2008، أصبحت معظم البنوك المركزية مسؤولة عن تأمين استقرار الأسعار لا بل عن الاستقرار المالي أيضاً.
وهذا الالتزام ليس مجرّد التزام رسمي. يرى محافظو البنوك المركزية أنفسهم أطبّاء للاقتصاد، مكلّفين بالحفاظ على الصحة الاقتصاديّة للبلاد (أو منطقة العملة). وقد أشار المحافظ السّابق لبنك إنكلترا ميرفين كينغ، إلى ذلك عندما قال أن «الاستقرار النقدي أو الاقتصادي الكلّي يشبه» الحياة الصحيّة.
يعمل محافظو البنوك المركزيّة على الحفاظ على استقرار النظام، حتى عندما يتطلّب ذلك تغييرات هيكلية هائلة في كيفية صنع السياسة، أو ثورة في كيفية نمذجة الاقتصاد وتصوّره. وقد أوضحت استجابتهم للأزمة الماليّة العالميّة ذلك بشكل خاص. نشرت البنوك المركزية مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي مجموعة واسعة من أدوات السياسة الجديدة، ونشرت هذه السّياسات المثيرة للجدل في بعض الدوائر الاقتصادية بغية الهيمنة على كلّ شيء من شركات التأمين والبنوك إلى سوق اليورو دولار. ورسّخ هذا التحوّل من خلال اختيار بنك الاحتياطي الفيدرالي لإعادة فتح هذه المرافق وتوسيعها في أعقاب جائحة فيروس كورونا، إذ نشر البنك المركزي كلّ شيء من نافذة الخصم المصطنعة لبنوك الظل، وصولاً إلى مخطّط شراء السندات غير المرغوب فيها، وقد تم كلّ ذلك تحت مُسمّى الاستقرار.
يعمل محافظو البنوك المركزيّة على الحفاظ على استقرار النظام، حتى عندما يتطلّب ذلك تغييرات هيكلية هائلة في كيفية صنع السياسة، أو ثورة في كيفية نمذجة الاقتصاد وتصوّره. وقد أوضحت استجابتهم للأزمة الماليّة العالميّة ذلك بشكل خاص
بيد أن تأمين استقرار الاقتصاد الكلّي أصبح مهمّة متزايدة الصعوبة. لقد جاء التضخّم المستمرّ والأزمات المصرفية والأزمات السياسية في وقت كان فيه محافظو البنوك المركزية أقل ثقة في معرفتهم بكيفية عمل الاقتصاد أو السياسة النقدية. وكما قال جيروم باول «نحن نتنقل بالنجوم تحت سماء غائمة».
ديكتوم باجهوت
يعتبر مبدأ باجهوت أن الاستقرار هو أساس الحياة الحديثة. وقد أدرك المنظّرون السياسيون منذ أمد بعيد أهمّية الاستقرار للمجتمع. وكان من بين الأفكار العظيمة التي توصّل إليها هوبز أن الناس يدخلون المجتمع السياسي ليتسنّى للحاكم تسوية الخلافات، وبالتالي القضاء على التهديد المستمرّ لحياتهم من الآخرين في دورة الطبيعة. وكان تحقيق بعض مظاهر الاستقرار، في نظر هوبز، هو أساس المجتمع السياسي. ومؤخّراً وصف جون راولز «المجتمع المنظّم جيّداً» بأنه حالة توازن مستقرّة، إذ يعتنق جميع المواطنين مفهوم العدالة نفسه على أن تتوافق مؤسّسات المجتمع مع هذا المفهوم. وفي مناقشة الديمقراطية اليونانية القديمة، تزعم دانييلا كاماك أن الديمقراطية صُمّمت لدعم التضامن، وبالتالي استقرار المجتمع السياسي مع مرور الوقت. وعلى النقيض من تعريف الإغريق للديمقراطية، اعتبرت دانييلا أنّه «في الدول الحديثة، من المرجّح أن يُنظر إلى العمل الجماهيري المنسّق والتضامني على أنه تهديد للاستقرار السياسي، وليس فقط مجرّد حافظ له».
وفي حين يتّفق الجميع تقريباً على أن الاستقرار يشكّل الأساس للمجتمع، إلا أن ما يتطلّبه الاستقرار على وجه التحديد يبدو أقل وضوحاً. إذ نحتاج إلى فهم معقول وموثوق لما قد يبدو عليه المستقبل، حتّى يتسنى لنا التخطيط. وهذا التخطيط ضروري لمجتمع وظيفي، ناهيك عن اقتصاد مزدهر. ويعتمد الاستثمار - في البنية الأساسية والأعمال التجارية والتعليم - على قدرتنا على التخطيط للمستقبل. كما يساهم الاستقرار في تحسين قدرتنا على التخطيط من خلال تقديم مستقبل يمكن التنبؤ به. وكما قال أحد محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي مؤخّراً، إن «استقرار الأسعار يقلّل من حالة عدم اليقين».
وبما أن السياسة، خصوصاً الديمقراطية منها، هي الوسيلة التي تستخدمها الدول لتغيير العالم الذي نعيش فيه، فقد بدا لبعض الناس أن تأمين نظام مالي ونقدي مستقر يتطلّب إبعاد حوكمته عن المجال السياسي. وزعم جيمس بوكانان أن الاستقرار أمر مرغوب فيه من أجل القدرة على التنبّؤ، وبالتالي فإن أفضل نهج للسياسة النقدية هو النهج المستقلّ عن السياسة على المستوى الدستوري. واتفق هايك مع هذا الرأي، إذ كتب: «أملنا الوحيد في استقرار النقد الآن هو في الواقع إيجاد طريقة لحمايته من السياسة». وقد روّج أنصار هذا الرأي على وجه التحديد لعزل الديمقراطية، وبالتالي الحد من سلطتها على الاقتصاد.
وفي حين أن بوكانان لم يحصل على الترتيب الذي حلم به، أي أن تكون السياسة النقدية مستقلّة دستورياً، ضمن ضوابط محدّدة سلفاً، نجدُ أنفسنا اليوم أمام بنوك مركزيّة مستقلّة، معزولة عن السياسة الديمقراطية اليومية التي تسعى إلى الاستقرار من خلال ممارسة «السلطة التقديرية المقيّدة». والواقع أن استقلال البنوك المركزية من المفترض أن يسهّل الالتزام الموثوق به «بالسياسة الجيّدة». ولكن ما يشكّل سياسة «جيدة» تغيّر مع مرور الوقت. ففي الماضي، زعم خبراء الاقتصاد أن السياسة النقدية الجيّدة سوف تكون نتاجاً لبنك مركزي معزول ومحافظ دستورياً. وكما قال أحد الباحثين، «لا يضمن الاستقلال الاستقرار إلا إذا مُنِح لمسؤول مركزي مستقرّ». وفي الآونة الأخيرة، بدت البنوك المركزية أكثر إبداعاً، بل وحتّى أكثر جذرية في تدخّلاتها في الأسواق، إضافة إلى تقديم تسهيلات شراء جديدة، ودعم الأسواق الدولية... ولكن ما لم يتغيّر هو النيّة الدافعة أي الحفاظ على الاستقرار.
نجدُ أنفسنا اليوم أمام بنوك مركزيّة مستقلّة، معزولة عن السياسة الديمقراطية اليومية التي تسعى إلى الاستقرار من خلال ممارسة «السلطة التقديرية المقيّدة». والواقع أن استقلال البنوك المركزية من المفترض أن يسهّل الالتزام الموثوق به «بالسياسة الجيّدة». ولكن ما يشكّل سياسة «جيدة» تغيّر مع مرور الوقت
إن ليون وانسليبن يصف البنوك المركزية بأنّها «حافظة للنّظام» تسعى إلى تعظيم القدرة على التنبّؤ. ويكتب بول تاكر، نائب محافظ بنك إنكلترا السابق، أن «البنك المركزي يؤدّي دوراً خاصاً في رعاية ثقافة موجّهة نحو الاستقرار في المجتمع». وكما وصف بنك إنكلترا بنفسه نهجَهُ السياسي الحالي، فإن «أيّ مبيعات للأصول سوف تُجرى بطريقة يمكن التنبّؤ بها على مدى فترة من الزمن حتى لا تعطّل عمل الأسواق المالية». بعبارة أخرى، حتّى لا تهزّ القارب.
يعبّر ملخّص كتاب روبرت هيتزل الأخير عن بنك الاحتياطي الفيدرالي عن الأمر جيّداً، إذ يصف تاريخ البنك المركزي بأنه «قصة ملاحقة استمرّت قرناً من الزمن لقواعد نقديّة قادرة على توفير الاستقرار الاقتصادي». ومن بين هذه القواعد ما يُعرف في دوائر البنوك المركزية بمبدأ باجهوت. وقد صاغ هذا المبدأ والتر باجهوت للمرّة الأولى في العام 1873، وهو يهدف إلى توجيه ممارسات البنوك المركزية عندما تعمل مقرضة الملاذ الأخير. وكما قال باجهوت للمرّة الأولى، هناك قاعدتان للإقراض في حالة الذّعر. أولًا: منح هذه القروض فقط بمعدّلات فائدة مرتفعة للغاية. وبذلك تكون هذه الفائدة بمثابة غرامة ثقيلة تُجنّب الخجل المترتّب عن رفض الإقراض، ما سيحدّ من أعداد طالبي القروض الذين لا يحتاجونها. ثانيًا، يجب أن تشمل هذه السّلف وفق هذا المعدّل جميع الأوراق المالية المصرفية الجيّدة، وبالقدر الكافي لما يطلبه الجمهور.
وقد وصف أحد محافظي البنوك المركزية المعاصرين والتر باجهوت، «مقرض الملاذ الأخير»، إذ أوصى بوقف الذّعر المالي من خلال الإقراض بحرّية للمؤسّسات السليمة مقابل ضمانات جيّدة، وبأسعار أعلى بكثير من تلك التي كانت سائدة في الظروف العادية».
يشجّع باجهوت محافظي البنوك المركزية على الإقراض بحرّية في حالة الذعر لأولئك الذين هم على استعداد لدفع معدّلات جزائية، ولديهم ضمانات جيّدة، لأن هذه الشركات التي كانت قادرة على سداد ديونها قبل الذّعر، سوف تكون قادرة على سداد ديونها بعده، على افتراض أن الذعر ليس أكثر من أزمةِ ثقة غير عقلانية وعشوائية.
يكتب باجهوت: «الغالبية العظمى التي يجب حمايتها هم الناس «السليمون»، الناس الذين لديهم ضمانات جيّدة يقدّمونها. فإذا علمنا أن بنك إنكلترا يتقدّم بحرّية على ما كان يعتبر في الأوقات العادية ضماناً جيّداً، في مقابل رهن قابل للتحويل بسهولة، فإن إنذار التجّار والمصرفيين القادرين على سداد ديونهم سوف يتوقّف».
وبعبارة أخرى، تطلب مقولة باجهوت من البنوك المركزية التمييز في خلق الائتمان وتوزيعه بين أولئك الذين كانوا لينجوا لو لم تحدث حالة الذعر، وبين أولئك الذين لم يكونوا لينجوا. وإذا كان الذعر عشوائيّاً حقّاً، فبمجرد صدّه، يُفتَرَضُ أن تكون الظروف الاقتصادية الأساسية هي نفسها قبل الذعر وبعده. وفي هذه الحالة، من المنطقي أن تحمي الدولة الشركات التي كانت قادرة على الوفاء بالتزاماتها قبل الأزمة، كما ينبغي لها أن تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها بعد الأزمة، والحماية المؤقّتة تمنع المجتمع ببساطة من تحمّل تكاليف المعاملات اللازمة لإعادة البناء.
ووفقاً لباجهوت، فإن مهمّة البنك المركزي هي تأمين الاستقرار من خلال الحفاظ على الوضع الاقتصادي الكلّي كما كان من قبل. ومن هذا المنظور، لا يبدو الذعر العشوائي ببساطة سبباً مقبولاً لمعاناة أي شركة. وبالتالي، من المناسب أن يتدخّل البنك المركزي ليمنع هذه المعاناة. ولا يزال المنطق نفسه قائماً حتى اليوم. ففي إطلاق مرفق السيولة في الشارع الرئيس في التاسع من نيسان/أبريل 2020، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن الشركات «لم تغلق أبوابها بسبب أي خطأ ارتكبته. وبقدر ما لدينا من القدرة على إصلاحها، يتعيّن علينا أن نفعل ذلك كمجتمع». 1
على الرغم من تقديم قاعدة باجهوت وتفسيرها على أنّها مبدأ فني يجب على البنوك المركزيّة تطبيقه في حالة الذعر، غير أنّها تكشف في الواقع عن شيء مثير للاهتمام إلى حدّ ما، وبالتّأكيد عن واقع سياسي. يقترح مبدأ باجهوت على البنوك المركزية ضرورة أن تنقذ الشركات التي كانت قابلة للازدهار فقط، مستثنية الظروف العشوائية وغير المتوقّعة للذعر، وبالتالي الحفاظ على الحالة الاقتصاديّة الكليّة «السليمة». ولكن سنّ هذه القاعدة، وتأمين الاستقرار من خلال الحفاظ عليها، يمكن أن يؤدّي إلى بعض العواقب الغريبة والمشوّهة المحتملة.
يقترح مبدأ باجهوت على البنوك المركزية ضرورة أن تنقذ الشركات التي كانت قابلة للازدهار فقط، مستثنية الظروف العشوائية وغير المتوقّعة للذعر، وبالتالي الحفاظ على الحالة الاقتصاديّة الكليّة «السليمة». ولكن سنّ هذه القاعدة، وتأمين الاستقرار من خلال الحفاظ عليها، يمكن أن يؤدّي إلى بعض العواقب الغريبة والمشوّهة المحتملة
باجهوت في العمل
في أثناء الوباء، فتح بنك الاحتياطي الفيدرالي مجموعة من مرافق الإقراض الطارئة لدعم استقرار النظام المالي. ربما كان قطاع الطاقة غير النظيفة هو القطاع الصناعي الأكثر استفادةً من غيره من مرفق الائتمان للشركات في الأسواق الثانوية التابعة لبنك الاحتياطي الفيدرالي. إذ حُوّل نحو 432.1 مليون دولار من دعم بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى قطاعي النفط والغاز بشكل مباشر، وأنفق نحو 735.4 مليون دولار أخرى على قطاعي النفط والغاز من خلال مشتريات بنك الاحتياطي الفيدرالي من صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة، والتي صُنّف بعضها على أنّها سندات غير مرغوب فيها. وقد أدّى دعم بنك الاحتياطي الفيدرالي للسوق إلى تغذية موجة اقتراض خاصة مكّنت صناعة النفط والغاز من جمع 93 مليار دولار من الديون الجديدة. وتحقّق كل ذلك على الرغم من أزمة المناخ الوشيكة، وفي ظل حقيقة تخبّط هذا القطاع ماليّاً قبل ظهور الوباء.
ولنتأمّل مثالين لشركة Diamondback Energy وشركة Marathon Oil. ففي أعقاب إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي عن جهوده في تخفيف آثار فيروس كورونا، أصدرت شركة Diamondback Energy سندات جديدة بقيمة 500 مليون دولار. وقد اشترى بنك الاحتياطي الفيدرالي 3 ملايين دولار من هذه السندات. وأنفقت الشركة 285 مليون دولار على شكل أرباح في العام 2020، بزيادة 140% عن العام 2019. وفي العام 2020، كان سعر سهم الشركة أقل بنسبة 65% عن مستواه في العام 2019. وهذه الاتجاهات ليست مستقلّة عن بعضها البعض. ويمكن للشركة أن تخفّف من الآثار السلبيّة لانخفاض سعر السهم من خلال زيادة عروض أرباحها. وقد يخسر المستثمرون من سعر السهم، لكن الأرباح تعوّض ذلك، ما يضمن للمساهمين التعادل، أو ربما الربح، على الرغم من الأداء الضعيف للشركة. وقد استفادت شركة Diamondback Energy بشكل كبير من جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي في تخفيف آثار فيروس كورونا على الرغم من حقيقة أن الشركة كانت «تكافح بشدّة» قبل الوباء، اقتراناً مع خوف الكثيرين من احتمال سقوطها في هوّة الإفلاس. حيث كان صافي دخلها عند أدنى مستوى على الإطلاق، بينما كانت صافي ديونها طويلة الأجل عند أعلى مستوى على الإطلاق. إن الاقتراض الذي تمكّنت الشركة من الحصول عليه نتيجة لإجراءات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مكّنها من تأجيل المشكلة «ما أدّى إلى نجدتها من الانهيار النهائي لمدفوعات الديون».
طردت شركة ماراثون أويل 2000 موظّف بعد شهرين من إعلانها عن خطّة إنقاذ ضريبية بقيمة 1.2 مليار دولار من الحكومة الفيدرالية. وقد دفعت غرامات بقيمة 1.3 مليار دولار لوكالة حماية البيئة (EPA) منذ العام 2000. وفي أعقاب فيروس كورونا، أصدرت شركة ماراثون سندات جديدة بقيمة 2.5 مليار دولار. واشترى بنك الاحتياطي الفيدرالي 17.3 مليون دولار. وفي العام 2020، دفعت 11 % أكثر على شكل أرباح مقارنة بالعام 2019 وانخفض سعر سهمها بنسبة 36%.
كانت جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي في أعقاب فيروس كورونا مجرّد مثال واحد على الاتجاه السائد لدى البنوك المركزية: الحفاظ على الاستقرار من خلال الحفاظ أو السعي إلى الركود
تعد ماراثون ثالث أسوأ ملوّث للهواء في الولايات المتحدة، وقد انتهكت حدود الانبعاثات الحكوميّة بالقرب من ديترويت 15 مرة، وأطلقت ذات مرة 35,500 غالون من الديزل في نهر في إنديانا. قبل جهود الإنقاذ التي بذلها بنك الاحتياطي الفيدرالي، كان سعر سهم ماراثون في انحدار منذ العام 2018 وكانت بياناته الماليّة هزيلة بشكل عام مع خسارة صافية بلغت 750 مليون دولار في الربع الثاني من العام 2020.
يرى أولئك الذين يؤمنون بقوّة الأسواق الحرّة أن جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي للحفاظ على السوق هي جهود غير مبررة للتّدخّل في السوق. ويتساءل أولئك الذين يرون سبباً وجيهاً لتدخّل الدولة عن سبب وجوب نشر مثل هذا التدخل في السعي للحفاظ على الوضع الراهن البعيد كل البعد عن الغاية المثالية - اقتصادياً أو اجتماعياً أو بيئياً. وقد وصف أحد الباحثين ذلك بقوله إن مسؤولي بنك الاحتياط الفيدرالي «لا يهدفون اليوم إلى تغيير جذري. إنهم يحاولون العودة قدر الإمكان إلى الوضع الراهن السابق، إلى الطريقة التي كانت عليها الأمور قبل صيف العام 2007. إنّهم يحاولون الحفاظ على نظام التمويل العالمي الذي أدّى أسلافهم دوراً رائداً في بنائه، وانهار قبل 14 عاماً». وبما أن الواقع هو على هذه الشاكلة، يجب أن نسأل: لماذا يجب أن نبذل هذا الجهد الكبير في الحفاظ على هذا العالم بهذه الصورة؟
ولكن ما هي البدائل؟ كانت جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي في أعقاب فيروس كورونا مجرّد مثال واحد على الاتجاه السائد لدى البنوك المركزية: الحفاظ على الاستقرار من خلال الحفاظ أو السعي إلى الركود. ولكن هناك نوعان على الأقل من الاستقرار: الاستقرار باعتباره ركوداً، والاستقرار باعتباره مرونة. وإذا تمّ تأمين الاستقرار، يمكن لكلا الشكلين أن يقدّما قدراً مقبولاً من القدرة على التنبؤ. يعني الركود أن الغد سيبدو تقريباً مثل اليوم، وتشير المرونة إلى أن الغد سيعمل تقريباً مثل اليوم. وكلاهما يساعد في التّخطيط للمستقبل. وتهدف المؤسّسة الّتي تسعى إلى الاستقرار باعتباره ركوداً إلى الحفاظ على مجموعة معيّنة من الظروف - أي التضخّم بنسبة 2% والتكوين الحالي للبيئة الاقتصادية الكلية. وعلى النقيض من ذلك، فإن المؤسسة التي تسعى إلى الاستقرار، باعتباره مرونة، هي تلك التي تسعى إلى الحفاظ على قدرة المواطنين على التخطيط، مع السماح للمستقبل بأن يبدو مختلفاً عن الحاضر. وهذا يعني السماح للأشياء بالتغيير، ولكن ضمان حدوث ذلك يجري وفقاً لعمليّات يمكن التنبّؤ بها وإدارتها. وهذا هو ما صُمّمت أنظمة صنع القرار الديمقراطية لتحقيقه.
الركود في أزمة
إن السعي إلى الاستقرار باعتباره ركوداًهو أمر مقيّد لسببين: أوّلاً، لأن هذا السعي يحدّ من قدرة الدولة على إحداث التغيير التحويلي. فإذا ركّز صناع السياسات على إصلاح بدلاً من الإصلاح، فمن الصعب أن نرى كيف يمكننا إحداث التغييرات التحويلية اللازمة لمعالجة مشاكل مثل تغير المناخ. في كتابه الأخير، يصف ماثياس ثيمان حالة مأساويّة، إذ يدرك محافظو البنوك المركزية الحاجة إلى التغيير البنيوي للنظام التنظيمي لمنع الأزمات المالية، ولكنهم غير قادرين على تحقيق ذلك لأنهم غير مخوّلين تحويل النظام بل مجرّد تثبيت استقراره. وثانياً، قد يؤدّي السعي إلى الركود إلى تقلّبات، وذلك من عجائب المفارقات. لا ينجح السعي إلى الاستقرار باعتباره ركوداً عندما نكون في عالم يطالب بالتغيير. لقد شهدنا هذا في السنوات الأخيرة سواء في حالة سلاسل التوريد أو في السياسة «الشعبوية».
الاستقرار، في هذه الحالة، تضرّهُ الجهود المبذولة من أجل الحفاظ عليه. ومن المرجّح أن تؤدّي هذه الجهود إلى تقلّبات أكثر تطرّفاً في حال لم تنجح الشعوب بجعل أصواتها مسموعة خلال النظام الحالي، ما يسمحُ بارتفاع أصواتٍ متطرّفة مناهضة للنّظام
عندما ضرب الوباء، توقّف كل شيء. لكن ذلك التوقّف ولم يحصل دفعة واحدة. لقد أغلقت البلدان في أوقات وطرق مختلفة ودرجات متفاوتة، ما جعل الشبكة العالمية لسلاسل التوريد غير قادرة على التعامل مع هذا الواقع. وجميعنا أصبحنا على دراية بمفهوم السفينة الناقلة خلال هذه الفترة الغريبة من الزمن، حيث كنّا نشاهد من غرف المعيشة المغلقة كيف أن الموانئ أضحت صنواً للزجاجة، وقد غرقت بالبضائع التي لم تُعالج بسرعة كافية، ثمّ أُفرغت بعد ذلك لفترات طويلة من الزمن. كانت سلاسل التوريد حينها هشّة. وعندما فرض الموقف تغييرها، لم تكن قابلة للامتثال. وكانت نتيجة ذلك عدم استقرار - في المخزون والأسعار وتسليم السلع الأساسية.
تواجه الكثير من الأنظمة السياسية اليوم تحدياً مماثلاً على شكل «سياسة معادية للنظام». فالحركات السياسية المناهضة للنظام موجودة في كل طيف حزبي. وهي حركات سياسية منظّمة متمركزة حول عدم الرضا عن النظام السياسي المعاصر، وعن الطريقة التي تُدار بها السياسة، وعلى وجه الخصوص، عمّن يمسك بالسلطة. على اليمين، يتمظهر شكل هذا الصراع في دعوة إلى «استعادة السيطرة» والتخلّص من «الخبراء». وعلى اليسار، يتمظهر في حركات مناهضةٍ لسطوة الشركات وضغط الجماعات ونفوذ الأثرياء.
إن محاولات الحفاظ على استقرار النظام السياسي بالأسلوب نفسه لم تنجح سوى في جعل هذه الحركات السياسية أقوى وأكثر نمواً. فالاستقرار، في هذه الحالة، تضرّهُ الجهود المبذولة من أجل الحفاظ عليه. ومن المرجّح أن تؤدّي هذه الجهود إلى تقلّبات أكثر تطرّفاً في حال لم تنجح الشعوب بجعل أصواتها مسموعة خلال النظام الحالي، ما يسمحُ بارتفاع أصواتٍ متطرّفة مناهضة للنّظام. ولا عجب أننا نسمع أصواتاً تعلو أكثر وأكثر داعية إلى تمرّد يبدو أكثر تطرّفاً، وتنادي بوجوب تحطيم النظام بالكامل.
الاستقرار كمرونة: الخيار السياسي
كيف سيبدو تبني الاستقرار كمرونة بدلاً من تبنّيه كركود؟ كيف يمكننا ضمان أن الغد سيكون في سير عمله صورةً عن اليوم، إن لم يكن يبدو مثل اليوم؟ هنا يمكن أن تحمل نظرية سياسية عمرها بضعة آلاف من السنين فائدة أو جواباً شافياً.
دعونا نعود إلى وجهة نظر دانييلا كاماك، «في الدول الحديثة، من المرجّح أن يُنظر إلى العمل الجماهيري المنسّق والتضامني على أنّه تهديد للاستقرار السياسي بدلاً من الحفاظ عليه». ولنعد إلى صياغة الأمر: في الدول الحديثة، تشكّل السياسة الديمقراطية، خصوصاً حكم الغالبية، آليّة لتغيير الوضع الراهن، وبالتّالي فهي تزعزع الاستقرار الذي يُفهَم على أنّه ركود. ومن هنا جاءت معارضة بوكانان وهايك لها. ولكن الأمر لم يكن كذلك دوماً. فالواقع أن السياسة الديمقراطيّة كانت تاريخيّاً عاملاً للاستقرار في قدرتها على تثبيت استقرار المجتمع السياسي من خلال جعل التغيير قابلاً للتنبّؤ.
إن وجهة النظر هذه للاستقرار هي وجهة نظر تتغذّى على احتمالية التغيير. ولا توجد محاولة لضمان استمرار أي موقف سياسي أو حالة معيّنة مع مرور الوقت، بل إن استقرار النظام يتحقّق من خلال قدرته على تيسير التغيير المستقر
في ظل نظام ديمقراطي، لا يمكننا أن نعرف ما ستكون عليه السياسة بعد ثلاثة أشهر أو ثلاثة أعوام أو ثلاثة عقود من الزمن، ولكننا نستطيع أن نثق في كيفيّة اتخاذ القرار، آخذين بالاعتبار أن قدرتنا على استشراف المستقبل قد لا تحملُ يقيناً وحتمية. لذلك فإن وجهة النظر هذه للاستقرار هي وجهة نظر تتغذّى على احتمالية التغيير. ولا توجد محاولة لضمان استمرار أي موقف سياسي أو حالة معيّنة مع مرور الوقت، بل إن استقرار النظام يتحقّق من خلال قدرته على تيسير التغيير المستقر.
وينبع استقرار النظام الديمقراطي، أو مرونته، من حقيقة مفادها أن أي قرار قد لا يكون سرمدياً، وبالتالي فإن الاعتقاد بأن مرشّحاً ما إذا خسر انتخابات اليوم، فإنّه يعرف بأنّه سيحظى بفرصة الفوز بتصويت آخر غداً، حول مشروع جديد تماماً، أو ببساطة قد يفوزُ بتصويت جديد حول مشروعه القديم نفسه. ولأن القرارات هي مؤقّتة، فلا شيء تتمّ تسويته بالكامل أبداً. وهذا يوفّر استقراراً مؤسّسياً مؤقتاً لأنّه يشكّل سبباً يدفع المواطنين إلى شراء النظام بمرور الوقت. فإذا خسرت تصويتاً دستورياً غير قابل للتّغيير، ولم تتوقّع أي فرصة لتغييره في المستقبل، فإن هذا من شأنه أن يضعف بالتأكيد رغبتك في الاستمرار بحسن نيّة بالالتزام بنظام الحكم القائم. وإذا شعرت بأنّك لا تملك أي فرصة لإيصال صوتك، فلماذا لا تهدم النظام نفسه؟
إن البعض يسمّون ذلك «موافقة الخاسرين». وتشرح هيلين تومسون هذه الفكرة على النحو الآتي: «إن تبادل السلطة عبر الانتخابات يتطلّب مبرّرات ضمنيّة لأولئك الذين يخسرون الانتخابات تمكّنهم من قبول النتيجة من دون اللجوء إلى العنف أو الانفصال». ونحن نرى الفكرة نفسها، التي تتلخّص بالاستقرار المؤسسي من خلال عدم استقرار السياسات، في أدبيّات النظريّة السياسية عن الديمقراطية والتضحية المتبادلة.
وتكتب دانييل ألين: «إن الديمقراطية تحتاج إلى أشكال من الاستجابة للخسارة، هذه الاستجابة تجعل من الجدير بالثقة أو المعقول بالنسبة إلى المواطنين الذين خسروا في لحظة معيّنة أن يثقوا بالنظام السياسي: الحكومة ومواطنيهم في المستقبل».
«إنّ الخاسرين لا يتنازلون عن الحقّ في التنافس في الانتخابات، أو التفاوض مرّة أخرى، أو التأثير على التشريعات، أو الضغط على البيروقراطية، أو السعي إلى اللجوء إلى المحاكم». إن استمرار سلطتهم، كجزء من الجسم الجماعي للمواطنين، بهدف تحديد القواعد التي يعيشون بها، هو ما يدعم استقرار النظام. وكما كتب آدم برزورسكي، فإن الديمقراطية تكون مستقرّة أو «متماسكة» «عندما لا يرغب الخاسرون في شيء سوى محاولة إعادة المحاولة بالمؤسسات نفسها التي خسروا في ظلّها للتوّ». ويضيف أن الاستقرار يأتي من «تقليص مخاطر المعارك السياسية».
إن النهج الأكثر ديمقراطية في التعامل مع البنوك المركزية، والذي لا يهدف إلى تحقيق حالة من الركود بل يهدف إلى الحفاظ على مرونة المجتمع السياسي، سوف يكون من دون أدنى شكّ أكثر سياسية. وقد يعمل هذا النهج على تمكين الهيئة التشريعيّة من الانخراط في سياسة الائتمان، وتحديد من يستحق دعم خطة الإنقاذ، وإعادة تقييم وهيكلة البنك المركزي، وتوجيه السياسة
إن النهج الأكثر ديمقراطية في التعامل مع البنوك المركزية، والذي لا يهدف إلى تحقيق حالة من الركود بل يهدف إلى الحفاظ على مرونة المجتمع السياسي، سوف يكون من دون أدنى شكّ أكثر سياسية. وقد يعمل هذا النهج على تمكين الهيئة التشريعيّة من الانخراط في سياسة الائتمان، وتحديد من يستحق دعم خطة الإنقاذ، وإعادة تقييم وهيكلة البنك المركزي، وتوجيه السياسة. وقد يبدو هذا الأمر مزعزعاً للاستقرار. ولكن ذلك لن يحدث إلا إذا نظرنا إلى الاستقرار باعتباره حالة من الركود. صحيح أن المزيد من البنوك المركزية السياسية، والمزيد من البنوك المركزية الديمقراطية، من شأنه أن يعني حتماً المزيد من عدم اليقين، ومن المرجّح أن يعني المزيد من التقلّبات السياسية. ولكن هذا النهج سوف يكون أيضاً أكثر مرونة لأن هذا التغيير سوف يحدث وفقاً لعمليات سياسية ديمقراطية يمكن التنبؤ بها وإدارتها. والبديل هو التمسّك بالركود، وبالتالي إنتاج تقلّبات لا يمكن التنبّؤ بها.
توظيف الخبرة
إن البنوك المركزية هي النماذج للحكومة النخبويّة. الواقع أن هذه الترتيبات مليئة بخبراء متعلّمين تعليماً عالياً ينشرون نماذج معقّدة وفنيّة، ويحللون كميّات هائلة من البيانات، وهم معزولون عن القنوات التقليدية للسياسة الديمقراطية. وقد صُمّم هذا الترتيب لضمان الاستقرار في الأسعار والأسواق المالية، وبالتالي الاستقرار الاقتصادي على نطاق أوسع. ومن منظور واحد، فشل هذا الترتيب تماماً: انظر فقط إلى التضخّم الأخير أو الأزمات المالية السابقة.
ومن منظور آخر، نجح تماماً: ففي مواجهة التضخّم والأزمة الماليّة والأوبئة والحروب، استمر الوضع الراهن للاقتصاد الكلّي. وقد وجّهت البنوك المركزية كميّات هائلة من الأموال العامة، والسلطة العامة بهدف الحفاظ على النظام المالي الخاص، والحفاظ على درجة من الركود.
ولكن هذا الإصرار على الركود يؤدي الآن إلى التقلّبات. على سبيل المثال الحركة الاحتجاجيّة التي احتلّت وول ستريت. يُضاف إليها الاحتجاجات أمام البنك المركزي الأوروبي. وليس آخرها حملة «Fed Up». كل هذه الاحتجاجات تبدو تافهة مقارنة بما نراه اليوم. فهناك الآن حكومات، يسارية ويمينية، في مختلف أنحاء أوروبا والولايات المتّحدة وخارجها تعارض سلطات البنوك المركزية المستقلّة هيكليّتها بالمجمل.
لقد قلب أردوغان النظام المصرفي المركزي التقليدي رأساً على عقب في تركيا. وحاول دونالد ترامب ترشيح شخص لمجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي ممن يدعون إلى العودة إلى معيار الذهب. وتزعم ليز تروس أن بنك إنكلترا قاد انقلاباً لإبعادها عن السلطة.
صحيح أن المزيد من البنوك المركزية السياسية، والمزيد من البنوك المركزية الديمقراطية، من شأنه أن يعني حتماً المزيد من عدم اليقين، ومن المرجّح أن يعني المزيد من التقلّبات السياسية. ولكن هذا النهج سوف يكون أيضاً أكثر مرونة لأن هذا التغيير سوف يحدث وفقاً لعمليات سياسية ديمقراطية يمكن التنبؤ بها وإدارتها. والبديل هو التمسّك بالركود، وبالتالي إنتاج تقلّبات لا يمكن التنبّؤ بها
لقد وضعنا البنوك المركزية خارج القنوات الديمقراطية التقليدية سعياً إلى استقرار النظام المالي الخاص، ولكن ما لم نتوقّعه هو أن السعي إلى الركود الاقتصادي من شأنه أن يؤدّي إلى عدم الاستقرار في المجتمع السياسي.
ولطالما روّج المنظّرون السياسيون لفوائد الحكومة التمثيلية في الحفاظ على الاستقرار السياسي. فالحكومة التمثيليّة تخلق الفرصة للشعب لإسقاط الحكومة، وإحداث تغيير حقيقي بمن يملك السلطة في المجتمع من دون الحاجة إلى إشعال ثورة.
إن هذا النهج من شأنه أن يعزّز إمكانيّة التغيير، وبالتالي ضمان الاستقرار. وهذا هو بالضبط ما نفتقر إليه في البنوك المركزية.
نُشِر هذا المقال في Phenomenal World في 26 أيلول/سبتمبر 2024، وتُرجِم إلى العربية ونُشِر في موقع «صفر» بموجب تفاهم مع الجهة الناشرة.