قفزة في الهجرة من إسرائيل
أظهرت البيانات الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي زيادة بنسبة 59% في أعداد الإسرائيليين الذي غادروا إسرائيل لمدّة طويلة في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام. فقد سُجِّل مغادرة 40.4 ألف إسرائيلي بين كانون الثاني/يناير وتموز/يوليو 2024، بالمقارنة مع 25.5 ألف مغادر في الفترة نفسها من العام الماضي. وكانت أعداد الإسرائيليين المغادرين قد ازدادت بنسبة 46.4% إلى 55.3 ألف مغادر في العام 2023، بالمقارنة مع 37.8 ألف مغادر في العام 2022، ومع المتوسط السنوي الذي بلغ 37.05 ألف مغادر في السنوات العشر السابقة بين 2013 و2022.
تثير بيانات الهجرة القلق في دولة قائمة على الاستعمار الاستيطاني والإحلالي، فمنذ سنوات طويلة يسجّل ميزان الهجرة من إسرائيل وإليها نتائج سلبية، أي أن أعداد الذين يغادرون إسرائيل أكثر من أعداد الذين يفدون للعيش فيها. ففي العام الماضي، بلغ رصيد الهجرة السلبي نحو 27.5 ألف إسرائيلي بالمقارنة مع 15.5 ألف في العام 2022، و13.2 ألف كمتوسط سنوي بين عامي 2013 و2022.
يعتقد المعلّقون في وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تضاعف الرصيد السلبي لميزان الهجرة في عامي 2023 و2024، بالمقارنة مع المتوسط السنوي في العقد الأخير، هو من تداعيات الانقلاب الدستوري وعملية طوفان الأقصى والحرب المستمرة منذ سنة تقريباً.
بين عامي 2013 و2023، قدِم إلى إسرائيل بغرض الإقامة الطويلة نحو 266 ألف شخص ولكن غادرها للإقامة الطويلة في الخارج نحو 425.5 ألف شخص، وبلغ الرصيد السلبي التراكمي نحو 159.5 ألف شخص. وما يثير القلق في إسرائيل ليس الأعداد فقط، بل خصائص المغادرين أيضاً، إذ أن متوسط عمر المغادرين هو 31.6 سنة، ومعظم المهاجرين هم من اليهود (61.3%)، وأكثر من نصفهم كانوا يقيمون في مناطق الوسط (54%)، وأكثريتهم ولدوا في الخارج (58.8%)، ويتميزون بمستوى تعليمي أعلى من مستوى عامة السكان، وقد حصل 53.7% منهم على 13 عاماً أو أكثر من التعليم.
ما يلفت المعّلقون في الصحافة الاسرائيلية أن 14% من المغادرين في عامي 2023 و2024 هم من الأطفال. وأن 41.1% من المغادرين المتزوجين غادروا مع أزواجهم وأولادهم، أي أنهم نقلوا مركز حياتهم إلى الخارج. ويسترشدون بهذه البيانات للحديث عن أن الحرب الجارية تدفع الكثير من الأسر لإعادة النظر بالعيش في إسرائيل، التي باتت بنظرهم مكاناً غير آمن لهم.
يقلّل بعض المعلقين من أهمية الزيادة في أعداد المغادرين في العام الماضي، إذ أن جزءاً من هذه الزيادة نجم عن قرار مكتب الإحصاء المركزي تغيير تعريف الهجرة، وبات يُعتبر غير مقيم كل من أقام في الخارج 275 يوماً في العام بدلاً من 365 يوماً كانت معتمدة في السابق. لكن ذلك قد ينطبق جزئياً على بيانات العام 2023، ولكنه لا يفسّر الزيادة في هذا العام بالمقارنة مع العام الماضي الذي حصل فيه تغيير التعريف، ويوضح مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن «تأثير أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر وحرب السيوف الحديدية على أنماط الهجرة طويلة المدى من إسرائيل سوف يكون من الممكن قياسه في غضون عام، أي اعتباراً من تاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر فصاعداً، وحتى الآن سجّل المتوسط الشهري زيادة في رصيد الهجرة بنحو 2.2 ألف شخص أكثر مما كان عليه في العام 2023».