Preview تجار الأسلحة

شركات الأسلحة تجني أرباح العسكرة والحروب

«على مدى الأشهر القليلة الماضية، أثبت موظّفو شركة لوكهيد مارتن وأنظمتها ومنصّاتها مرّة أخرى قدرتهم على تعزيز الأمن في أوروبا الشرقية والبحر الأحمر والشرق الأوسط».  هكذا تتبجّح «لوكهيد مارتن» في تقريرها المالي الأخير بارتفاع عائداتها من الحروب المستعرة. فالشركة الأكبر في صناعات الأسلحة الجوية في الولايات المتحدة والعالم، استطاعت أن تجني عائدات بلغت 18.1 مليار دولار في الفصل الثاني من العام 2024 فقط، بزيادة بنسبة 9% عن الفترة نفسها في العام الماضي.

شركات الأسلحة تعتاش على الدمّ

ما إن أعلنت الشركة أنها سوف ترفع توقعاتها في شأن مبيعاتها السنوية من الأسلحة والذخائر والتجهيزات العسكرية التي تنتجها حتى هرع المستثمرون لشراء أسهمها، متحمّسين للتوترات الجيوسياسية الخطيرة، التي تعزّزها الحرب في الشرق الأوسط وأوكرانيا وتوجّهات حلف الناتو لزيادة إنفاقه العسكري. هذا الزخم رفع قيمة شركة «لوكهيد مارتن» في السوق بشكل كبير ليصل سعر السهم إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في آب/أغسطس 2024، وقد بلغ 549 دولاراً، أي بزيادة قدرها 16% تقريباً في أقل من 10 أيام. 

يتكرّر المشهد نفسه مع عملاقتي الصناعات العسكرية RTX ونورثروب غرومان. ففي خلال بضعة أيام فقط ارتفعت أسهم الشركتين بشكل كبير في البورصة، بعد أن أعلنتا عن ارتفاع عائداتهما بنسبة 8% و7% على التوالي بالمقارنة مع العام الماضي، وزادتا من توقعات المبيعات السنوية.

هذه الشركات الثلاث، لوكهيد مارتن ونورثروب غرومان وRTX، هي الأكبر من حيث عائدات الأسلحة في العام 2022 بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إذ تجاوزت عائداتها 130 مليار دولار. وتتأثّر قيمة هذه الشركات بتوقعات تنامي الإنفاق الحكومي على السلاح والعقود المتوقع إبرامها مع الدول. 

تعدّ لوكهيد مارتن وRTX في أعلى مستوى لهما على الإطلاق، أمّا نورثروب غرومان فتحاول الآن استغلال الأوضاع السياسية الخطيرة لتكرار العائدات الكبيرة التي حقّقتها عند اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، قبل أن تهبط أسهمها في العام الماضي بعدما أعلنت عن وجود معدن ملوّث مشتبه به في بعض أجزاء المحرّكات التي تنتجها.

ليست كبرى شركات السلاح وحدها المستفيدة من الأوضاع القائمة، هذا ما يفيدنا به المؤشر الذي يتتبع قطاع الصناعات العسكرية في الولايات المتّحدة، فقد سجّل ارتفاعاً بنسبة 9.2% في آب/أغسطس، وهي أكبر قفزة له منذ تشرين الأول/أكتوبر 2022، متغلّباً بقوة على ارتفاع مؤشر S&P 500 الذي يتتبع أداء أكبر الشركات في البورصة الأميركية.

سابقاً، سجّل هذا المؤشّر ارتفاعاً أكبر من المعتاد في شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2023، أي في الفترة التي أعقبت عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر. فبعد بضعة أيام فقط من بدء الحرب على غزّة، حقّقت أسهم شركتي لوكهيد مارتن ونورثروب غرومان أقوى مكاسب مالية لها في أكثر من ثلاث سنوات. وقفزت أسهم لوكهيد مارتن ونورثروب غرومان وL3Harris وRTX وجنرال ديناميكس بإجمالي 28.4 مليار دولار!

سجل هذا المؤشر ارتفاعاً أكبر بكثير من المعتاد أيضاً في شهر شباط/ فبراير 2022، فور اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، ومنذ ذلك الحين وأسهم أكبر شركات الأسلحة الأميركية والأوروبية ترتفع وهي تبرم العقود مع الدول التي تقدّم الأسلحة لأوكرنيا، علماً أن إنفاق دول الناتو على الدفاع يتوقع أن يصل إلى تريليون و200 مليار دولار في العام 2024، بعدما كان تريليون و69 مليار دولار في العام 2023، وتريليون و37 مليار دولار في العام 2022.

منذ سنوات والولايات المتحدة تحثّ الدول الأوروبية على زيادة إنفاقها العسكري، بل كان الأمر أشبه بالتهديد في عهد ترامب، الذي يتوقع أن يصل الإنفاق العسكري إلى مستويات قياسية جديدة إن تم انتخابه مجدداً رئيسا للولايات المتحدة.

يعلم صانعو القرار السياسي في الولايات المتحدة أن شركات السلاح هي منبع أرباح في أوضاع كهذه، يخبرنا موقع فنبولد أن RTX أثبتت أنها الخيار المفضّل في العام 2024 للعديد من أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ ومجلس النواب، الذين يشغل العديد منهم مناصب في لجان ومجالس الدفاع. بدأ هذا الاتجاه في النصف الأول من العام 2023 واستمر منذ ذلك الحين. وفي خلال هذه الفترة، اشترى العديد من السياسيين الأميركيين أسهم RTX في مناسبات متعددة.