Preview debt crisis

أسوأ أزمة ديون عالمية على الإطلاق

تظهر قاعدة البيانات الجديدة لمرصد خدمة الديون أن مواطني الجنوب العالمي يواجهون الآن أسوأ أزمة ديون منذ بدء رصد السجلات العالمية. تمتص خدمة الديون، والتي تضم أصل الدين المحلي والأجنبي والفائدة المترتبة عليه، نحو 38% من الإيرادات العامة و30% من الإنفاق العام في جميع دول الجنوب العالمي، وترتفع إلى 54% من الإيرادات العامة و40% من الإنفاق العام في أفريقيا. وعلى مستوى القارات، تدفع 35 دولة أكثر من نصف إيراداتها العامة، و54 دولة أكثر من ثلثها هذه الإيرادات على خدمة الديون. 

تعبّر هذه البيانات عن أكثر من ضعف المستويات التي واجهتها البلدان المنخفضة الدخل قبل تخفيف أعباء ديونها بموجب المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC) والمبادرة المتعدّدة الأطراف لتخفيف أعباء الديون (MDRI)؛ وأعلى قليلاً من مستويات خدمة الديون التي دفعتها بلدان أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي قبل بدء تطبيق خطة برادي في ثمانينيات القرن الماضي.

والأهم من ذلك هو أن الديون تضع جانباً الإنفاق الرئيسي لمواجهة الأزمات الاجتماعية والبيئية. تساوي خدمة الديون مجمل الإنفاق المجمّع على التعليم والصحّة والحماية الاجتماعية والمناخ، وتتجاوزها بنسبة 50% في أفريقيا. والواقع أن خدمة الديون تساوى 2.5 ضعف الإنفاق على التعليم، و4 أضعاف الإنفاق على الصحّة، و11 ضعف الإنفاق على الحماية الاجتماعية.

تحتاج البلدان النامية إلى جولة جديدة كبرى من إلغاء الديون وشطبها بالكامل. ومع ذلك، تفشل اتفاقيات تخفيف أعباء الديون الحالية في خفض خدمة الديون بشكل كبير لتحرير مساحة من الإنفاق العام وبالتالي توظيفها في أهداف التنمية المستدامة. والواقع، أن اتفاقيات إعادة هيكلة الديون الأخيرة سوف تترك خدمة الديون عند متوسط ​​48% من الإيرادات العامّة على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. وعليه يفترض بالمجتمع الدولي أن يتخذ خطوات عاجلة لخفض خدمة الديون بشكل أكثر حدّة، من خلال تخفيف أعباء الديون وخفض تكاليف الاقتراض. 

تدفع 35 دولة أكثر من نصف إيراداتها العامة، و54 دولة أكثر من ثلث هذه الإيرادات على خدمة الديون

لماذا مرصد خدمة الدين؟

منذ تفشّي جائحة كوفيد-19، اتفق صنّاع السياسات الدوليون على وجود أزمة ديون جديدة في دول الجنوب العالمي. ومع ذلك، يصرّ الكثير من أعضاء المجتمع المالي العالمي على أن هذه ليست أزمة «نظامية»، وأنها أقل خطورة من أزمات الديون العالمية السابقة. وقدّموا سببين لدعم هذا التقييم، وهما: 1) تخلّف عدد قليل نسبياً من البلدان (خصوصاً من بين أكبر المدينين) عن سداد ديونهم الخارجية في السنوات الأخيرة؛ و2) أصبحت أعباء الديون كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أقل ممّا كانت عليه قبل أزمة الديون في أميركا اللاتينية في ثمانينيات القرن الماضي وأثنائها، أو أزمة ديون البلدان المنخفضة الدخل في تسعينيات القرن الماضي.

من ناحية أخرى، صرّح الأمين العام للأمم المتّحدة يصرّح بأن أزمة الديون شديدة للغاية ومنتشرة على نطاق واسع، ذلك لأن الأمم المتحدة تقيّم الأزمة على أساس التأثيرات التي تخلّفها الديون على احتمالات تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقد وجدت وكالات الأمم المتّحدة أن خدمة الدين تزاحم بشكل كبير الإنفاق على الخدمات العامّة المخصّصة للحدّ من الفقر وعدم المساواة، مثل التعليم والصحّة والحماية الاجتماعية، وأيضاً تلك المخصّصة لمواجهة أزمات المناخ وغيرها من الأزمات البيئية.

لطالما كانت الأدلة الداعمة لهذا التقييم القائم على التنمية محدودة. ولم تكن البيانات المتعلّقة بخدمة الديون والإنفاق على أهداف التنمية المستدامة ترصد وتعرض في الوقت الفعلي؛ ولم تغطِ بيانات خدمة الدَّيْن سوى الديون الخارجية، وكانت بيانات الحماية الاجتماعية والإنفاق على المناخ قديمة أو غير موجودة.

يقدم هذا التقرير قاعدة بيانات جديدة، وهي تغطّي 139 من 155 دولة تقترض من البنك الدولي، وتحل معضلة مشاكل البيانات المثارة أعلاه. وهي تتضمّن أحدث أرقام خدمة الدَّيْن (2017-2023)، وتغطي كلّ من الديون الخارجية والمحلّية. وتقارنها بإجمالي الإيرادات العامة والإنفاق العام والناتج المحلي الإجمالي، وكذلك الإنفاق على التعليم والصحّة والحماية الاجتماعية. وقد تم تجميع هذه البيانات من وثائق الموازنة الوطنية أو إدارة الديون، ووثائق برامج صندوق النقد الدولي، وقواعد بيانات الإنفاق العالمية المختلفة.

مع ذلك، لم يتمكن فريق العمل من جميع بيانات خدمة الدَّيْن لنحو 16 دولة، من ضمنها 9 دول من منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وهي أذربيجان والبحرين وإيران وكازاخستان والكويت وليبيا والأراضي الفلسطينية المحتلّة وسوريا وتركمانستان)؛ دولتين في أوروبا وهما بيلاروسيا والاتحاد الروسي؛ ودولتين في أميركا اللاتينية وهما آروبا وفنزويلا؛ فضلاً عن دولتين في أفريقيا وهما إريتريا وغينيا الاستوائية، ودولة واحدة في آسيا: بروناي. تبرز حاجة ملحة لهذه الحكومات لتحسين الشفافية تجاه مواطنيها، وخصوصاً في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. من ناحية أخرى، تعتبر منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المنطقة الأكثر شفافية في العالم من حيث نشر بيانات خدمة الدَّيْن. 

تعادل خدمة الدَّيْن في المتوسط ​​الإنفاق الاجتماعي الإجمالي على التعليم والصحّة والحماية الاجتماعية في جميع البلدان

مرصد خدمة الدين: النتائج

1) أعباء الديون العالمية هي الأعلى منذ بدء تسجيل البيانات 

تبيّن النتائج الرئيسة لقاعدة بيانات العام 2023 أن دول الجنوب تواجه أسوأ أزمة ديون منذ بدء تسجيل البيانات عالمياً. إن المقياس الرئيس الذي يعتمده صندوق النقد والبنك الدوليين لقياس خدمة الدين أو عبء «السيولة» المتاحة لخدمة الدَّيْن العام هو نسبة خدمة الدَّيْن من مجمل الإيرادات العامة، والتي توضح القدرة المالية لكلّ دولة على سداد ديونها. يبلغ متوسط نسبة ​​خدمة الدَّيْن من مجمل الإيرادات العامة (من دون المنح) نحو 38% حالياً في 139 دولة، و57.5% في الدول المنخفضة الدخل. ويمكن مقارنة هذه الأرقام بتقييمات منظّمات بريتون وودز التي تعتبر أن النسب التي تتراوح بين 14% و 23% (حسب قدرة الدولة على تحمّل الديون) تجعل مستويات الديون الخارجية غير مُستدامة للدول النامية المنخفضة الدخل التي تغطّيها منهجية استدامة الديون للدول المنخفضة الدخل. ولكن، لا تقتصر المشكلة على البلدان الأكثر فقراً. يبلغ متوسط ​​نسبة خدمة الدين إلى الإيرادات العامة نحو 45% في الشريحة الدنيا من البلدان المتوسطة الدخل، ​​و27% في الشريحة العليا من البلدان المتوسطة الدخل. وأيضاً لا تتركّز المشكلة في منطقة واحدة: تنفق أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى نحو 53% من إيراداتها على خدمة الديون، وآسيا نحو 31%، وأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي نحو 31.4%، والشرق الأوسط وآسيا الوسطى نحو 30%.

graph 1

وبالنظر إلى البلدان التي تتحمّل أعباء خدمة الدًّيْن الأثقل مقارنة بالإيرادات، تأتي هذه الأعباء من مجموعة مختلطة من المناطق الجغرافية والبلدان من مستويات دخل مختلفة، ولكلّ منها أوضاع إنمائية خاصة. وفيما يتعلق بالبلدان الأكثر تضرّراً، أي التي تتجاوز فيها نسبة خدمة الدَّيْن من الإيرادات العامة 50%، فإن 18 بلداً منها موجود في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، و6 بلدان في أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، و5 بلدان في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا، و5 بلدان في آسيا. وعلى نطاق أوسع، فإن ثلثي البلدان الأفريقية لديها خدمة دَّيْن تتجاوز 33% من الإيرادات العامة، في حين أن ثلث البلدان في آسيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية والبحر الكاريبي لديها مستويات مماثلة.

graph 2

تمثل خدمة الدَّيْن أيضاً متوسّط 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي لجميع البلدان، و8.3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان المنخفضة الدخل، و8.9% من الناتج المحلّي الإجمالي للبلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى. وبالنسبة إلى البلدان التي خضعت للمبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC)، تزيد هذه النسب بكثير عن نسبة 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي التي دفعتها كخدمة ديون في العام 1996، قبل تصميم المبادرة وخفض أعباء ديونها بشكل كبير؛ كما أنها أعلى حتى من خدمة ديونها المقرّرة لعام 1996 والتي بلغت 7% من الناتج المحلي الإجمالي. يشار إلى أن البيانات الواردة في التقرير تشمل خدمة الدَّيْن المقومة بالعملة المحلّية، والمعروف أنه في أوائل تسعينيات القرن الماضي لم تكن أي دولة منخفضة الدخل قد طوّرت أسواق ديون محلّية أو كانت تدفع فوائد عليها. مع ذلك، يتبيّن أن خدمة الديون الخارجية التي دفعت في العام 2023 تبلغ في المتوسط ​​3.7% من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان منخفضة الدخل، وهي تساوي مستوى ما قبل المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون. تُظهر مستويات خدمة الديون الراهنة أن البلدان المنخفضة الدخل، وتحديداً في أفريقيا،تواجه أسوأ أزمة ديون على الإطلاق. ولكن حتى الدول الأكثر مديونية والأكثر ثراءً في أميركا اللاتينية كانت تدفع 10% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في ثمانينيات القرن العشرين قبل أن تعمل خطة برادي على خفض ديونها، في حين يبلغ متوسط ​​خدمة الديون الحالية نحو 11% من الناتج المحلي الإجمالي.

يبلغ الإنفاق على خدمة الدِّيْن نحو 2.5 ضعف الإنفاق على التعليم في جميع البلدان، ويرتفع إلى 3 أضعاف في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوب أفريقيا

2) خدمة الديون تزاحم الإنفاق على التنمية 

كنسبة من إجمالي الإنفاق العام، تشكّل خدمة الديون أيضاً مشكلة كبرى في الكثير من البلدان. تبلغ خدمة الدَّيْن كنسبة من الإنفاق العام نحو ​​29.5% في المتوسط في جميع البلدان، ونحو 39% في أفريقيا، و28% في الشرق الأوسط ووسط آسيا، و26.5% في أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، و22% في آسيا. وتعتبر هذه النسب مرهقة بشكل خاص بالنسبة إلى الدول المنخفضة الدخل، إذ تشكّل 39% من الإنفاق في البلدان منخفضة الدخل، و33% في الشريحة الدنيا من البلدان المتوسطة الدخل،  وكذلك ترهق للدول الأقل نمواً (33%) والدول غير الساحلية (32%). 

graph 3

تشير قاعدة البيانات إلى أن أعباء خدمة الديون كنسبة من الإنفاق العام مرتفعة في جميع القارات: إذ تجاوزت 92 دولة عتبة 15%، وتجاوزت 74 دولة عتبة 20%. وهناك خمس دول أخرى لديها نسب مرتفعة ولكنها متخلّفة عن سداد معظم ديونها. 

Previewmap

وبالمقارنة مع الإنفاق الاجتماعي، تعادل خدمة الدَّيْن في المتوسط ​​الإنفاق الاجتماعي الإجمالي على التعليم والصحّة والحماية الاجتماعية في جميع البلدان. ​​وتتجاوزه بمقدار النصف في أفريقيا، وتصل إلى حوالي 85% في آسيا ومنطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا، و64% في منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي. وبالنظر إلى مستويات الدخل، تتجاوز خدمة الدَّيْن الإنفاق الاجتماعي بنسبة 62% في البلدان منخفضة الدخل، و14% في الشريحة الدنيا من البلدان المتوسطة الدخل.  وتتجاوز خدمة الدَّيْن مجمل الإنفاق الاجتماعي في 33 دولة، من ضمنها 16 دولة في أفريقيا، و7 في آسيا، و6 في منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي، و4 في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا. 

graph 5

يبلغ الإنفاق على خدمة الدِّيْن نحو 2.5 ضعف الإنفاق على التعليم في جميع البلدان، ويرتفع إلى 3 أضعاف في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوب أفريقيا، ويبلغ 2.4 ضعف الإنفاق على التعليم في آسيا، وضعفي الإنفاق على التعليم في منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي. والواقع، تتجاوز خدمة الدَّيْن الإنفاق على التعليم في 104 دول.

تبلغ خدمة الدِّيْن 3.7 ضعف الإنفاق على الصحّة في جميع البلدان، وتصل إلى 5 أضعاف في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوب أفريقيا

تبلغ خدمة الدِّيْن 3.7 ضعف الإنفاق على الصحّة في جميع البلدان، وتصل إلى 5 أضعاف في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوب أفريقيا، وأكثر من 3 أضعاف في آسيا، وضعفي الإنفاق على الصحّة في منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي. تتجاوز خدمة الدِّيْن الإنفاق على الصحة في 116 دولة .

graph 6

تزيد خدمة الدِّيْن 11 ضعفاً عن الإنفاق على الحماية الاجتماعية في جميع البلدان. وترتفع النسب إلى أكثر من 27 ضعفاً في أفريقيا جنوب الصحراء حيث الإنفاق على الحماية الاجتماعية منخفض عموماً، مقارنة بنحو 4 أضعاف فقط في آسيا، و2.7 ضعفاً في أميركا اللاتينية والكاريبي، و1.8 ضعفاً في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا. وفي المجمل، تتجاوز خدمة الدِّيْن الإنفاق على الحماية الاجتماعية في 107 بلدان.

graph 7

3) تخفيف أعباء الديون الحالي غير كاف على الإطلاق لإنقاذ أهداف التنمية المستدامة

في مواجهة هذه الأعباء المرتفعة تاريخياً، هل توفر البنية المُقترحة لحلّ أزمة الديون تخفيفاً فعلياً وكافياً لأعباء الديون، وبالتالي تحرير مساحة من الإنفاق لمصلحة التنمية؟ 

إذا حكمنا من خلال الاتفاقيات الأخيرة التي تم التوصل إليها أو التي يجري التفاوض عليها مع تشاد وغانا وسريلانكا وسورينام وزامبيا، ستكون الإجابة لا بكل تأكيد. 

بعد توقيع اتفاقيات الديون، ووفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، سوف تظل البلدان تدفع 48% من إيراداتها العامة في المتوسط على خدمة الديون في السنوات الثلاث المقبلة، مع خفض مستويات خدمة الديون في سريلانكا إلى أقل من 30% من الإيرادات فقط.

graph 8

سوف تضطر البلدان أيضاً إلى خفض إنفاقها العام بنسبة تراكمية تبلغ 4% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمس المقبلة. وفي حين قد تُبذَل جهود لحماية بعض الإنفاق الاجتماعي من خلال تحديد عتبة للتخفيضات الممكن فرضها على الحماية الاجتماعية، لا تبدو نتائج هذه الجهود واضحة حتى الآن بالاستناد إلى التجربة الأخيرة. وحتى لو نجحت، لن توفر هذه الاتفاقيات أي مجال لزيادة كبيرة في الإنفاق لتسريع التقدّم نحو تحقيق أهداف التنمية.

ويرجع هذا الفشل إلى عدم تحديد هدف واضح لنسبة خدمة الدِّيْن من الإيرادات العامّة للحكم على ما إذا كانت اتفاقيات تخفيف أعباء الديون قد تترك البلدان بمستويات ديون مستدامة، وخصوصاً في الأمد القريب إلى المتوسط، وبالتالي خفض خدمة الدِّيْن كنسبة من الإيرادات إلى 15% أو 20% على مدى 10 سنوات فقط. وهذا بدوره يعكس إحجام الدائنين عن تقديم المساعدة نفسها المقدّمة في أزمات الديون السابقة.

تزيد خدمة الدِّيْن 11 ضعفاً عن الإنفاق على الحماية الاجتماعية في جميع البلدان. وترتفع النسب إلى أكثر من 27 ضعفاً في أفريقيا جنوب الصحراء حيث الإنفاق على الحماية الاجتماعية منخفض عموماً

على النقيض من ذلك، في إطار المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC)، وحتى قبل تقديم تخفيف إضافي من خلال المبادرة المتعدّدة الأطراف لتخفيف أعباء الديون (MDRI) في العام 2005، عمل الدائنون على تحقيق هدف واسع النطاق يتمثّل في خفض خدمة الدين إلى ما دون 15% أو 20% من الإيرادات العامة، وكانت النتائج النهائية لاتفاقيات المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون والمبادرة المتعدّدة الأطراف لتخفيف أعباء الديون سبباً في خفض خدمة الدِّيْن إلى متوسط ​​11% فقط من الإيرادات. إن القدر نفسه من الجهد الذي يبذله الدائنون مطلوب الآن لإنقاذ أهداف التنمية، وينبغي لاتفاقيات تخفيف أعباء الديون أن تحدّد وتلبي أهدافاً صريحة لخفض نسبة خدمة الديون من الإيرادات العامة بدءاً من سنة تخفيف أعباء الديون. 

وبالإضافة إلى ذلك، وبالنسبة إلى البلدان التي لا تسعى إلى تخفيف أعباء الديون لأن تمويل موازنتها يعتمد على أسواق السندات، فمن الضروري اتخاذ التدابير لخفض تكاليف اقتراضها بشكل حادّ. من خلال تخفيف أعباء الديون وخفض تكاليف الاقتراض فقط، سوف يكون من الممكن تمويل التنمية ووضعها في مسارها الصحيح.