
كيف تُطوّر أميركا البنى التحتية لحروب اسرائيل المقبلة؟
كشفت «وحدة سلاح الهندسة» في الجيش الأميركي قبل أيام أن الولايات المتحدة الأميركية تنفّذ حالياً نحو 20 مشروعاً لتطوير وبناء منشآت عسكرية استراتيجية للجيش الإسرائيلي بقيمة إجمالية تقارب 1.5 مليار دولار. وتشمل المشاريع بناء قواعد جوّية وبحرية وعيادات طبّية وأرصفة بحرية ومقرّات عسكرية ومستودعات ذخيرة بالإضافة إلى تحديثات للبنية التحتية القائمة مثل تجديد المدارج وأرصفة تزويد الطائرات بالوقود.
من أبرز تلك المشاريع توسيع قاعدة «نيفاتيم» الجوية في النقب، التي تستضيف أسراب مقاتلات «إف-35» الأميركية المتطوّرة، حيث خُصّص أكثر من 230 مليون دولار لتحديث المدارج وبناء حظائر الطائرات ومرافق الصيانة.
كما يشمل التمويل بناء مستودعات ذخيرة محصّنة تحت الأرض ومراكز قيادة متقدّمة في قواعد أخرى يشرف على بنائها وتجهيزها الجيش الأميركي عبر مقاولين أميركيين وإسرائيليين، ومن أبرز هذه المشاريع بناء مقرّ جديد لوحدة الكوماندوز التابعة للبحرية الإسرائيلية في عتليت جنوب حيفا المحتلّة. ويشير التقرير الأميركي الرسمي إلى أن بعض هذه المنشآت يمكن استخدامها كمراكز تخزين احتياطية للأسلحة الأميركية أو قواعد انطلاق عمليات عسكرية في المنطقة.
ولفتت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية أن عدداً من المشاريع التي وردت في تقرير الجيش الأميركي أُدرجَت تحت أسماء رمزية سرّية ولم تُعلن تفاصيلها ما يثير تساؤلات عن طبيعتها وأهدافها.
وتأتي هذه المشاريع ضمن حزمة المساعدات السنوية الأميركية لإسرائيل، التي تصل إلى 3.8 مليارات دولار في إطار مذكّرة تفاهم مع الإدارة الأميركية تمتد من 2019 إلى 2028. لكن الدعم الأميركي شهد تصاعداً غير مسبوق في ظل حرب الإبادة المستمرة على غزة، فقد أظهرت دراسة «أكلاف الحرب» الصادرة عن معهد واتسون أن واشنطن رفعت من ميزانية تزويد إسرائيل بالأسلحة بإضافة 17.9 مليار دولار بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى أيلول/سبتمبر 2024. وكشفت تقارير صحافية ومصادر رسمية أميركية عن استمرار تدفّق صفقات السلاح الأميركية إلى إسرائيل بعد انتهاء السنة المالية 2024 وحتى يومنا هذا، وقد تركّزت على دعم بعض القطاعات العسكرية التي تضررت بعد الحرب على إيران.
ففي 4 كانون الثاني/يناير 2025، أبلغت إدارة الرئيس السابق جو بايدن الكونغرس رسمياً نيّتها إتمام صفقة أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة 8 مليارات دولار، تشمل ذخائر وصواريخ موجهة ودعماً لأسلحة الطائرات الحربية ومنظومة الصواريخ الاعتراضية، وقد تمّت الموافقة عليها. وفي شباط/فبراير 2025، أقرّت إدارة دونالد ترامب بصفة «عاجلة وطارئة» صفقة جديدة بقيمة تقارب 3 مليارات دولار لتوريد قنابل خارقة للتحصينات وطائرات مسيّرة وذخائر مدفعية. إضافة إلى ذلك، أشارت تقارير رسمية إلى استمرار وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في استخدام «صلاحيات السحب الرئاسي» لتزويد إسرائيل بشحنات عاجلة من الذخائر وقطع الغيار في خلال العام 2025، بقيمة تتجاوز 500 مليون دولار.
ولا تزال إسرائيل تتصدّر قائمة الدول الأكثر تلقّياً للمساعدات العسكرية الثنائية من الولايات المتحدة، وبحسب أرقام الكونغرس الأميركي ودراسة «مجلس العلاقات الخارجية» فقد بلغت قيمة المساعدات الأميركية لإسرائيل منذ تأسيسها في العام 1948 حدّ الـ 300 مليار دولار، معظمها لدعم القدرات العسكرية والتسليح، إضافةً إلى مشاريع بنية تحتية عسكرية تُنفَّذ تحت إشراف مباشر من الجيش الأميركي، مثل بناء قواعد ومخازن ذخيرة ومقارّ وحدات خاصة. وتمثّل هذه المساعدات المباشرة الجزء الأكبر من إجمالي المساعدات العسكرية التي تقدّمها واشنطن لحلفائها حول العالم، وتأتي مصر في المرتبة الثانية بعد إسرائيل بين دول المنطقة بمساعدات عسكرية مباشرة قدّرت بـ1.3 مليار دولار لعام 2024.