Preview إغلاق تمارا

إغلاق حقل تمار: خسائر ضخمة للاقتصاد الإسرائيلي

أنفقت دولة الاحتلال أكثر من 3 مليارات شيكل (نحو 752 مليون دولار) لحماية منصّات الغاز في المياه الاقتصادية الخاضعة لها، وتخصّص نحو 400 مليون شيكل سنوياً (نحو 100 مليون دولار) لتشغيل وتطوير أنظمة الحماية. إلا أن كلّ ذلك لم يكن نافعاً لها، إذ أجبرتها عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر إلى اتخاذ قرار احترازي فوري يقضي بإغلاق منصّة تمار الواقعة على بعد 25 كيلومتراً من شواطئ عسقلان، خوفاً من تعرّضها للقصف الصاروخي من جانب المقاومة الفلسطينية في غزّة، وهو ما دفع العديد من المعلّقين الإسرائيليين للتساؤل عن جدوى استثمار هذه المليارات إذا كان ذلك لا يوفّر الحماية المفترضة، ولا يضمن استمرار تدفق الغاز في شرايين الاقتصاد الإسرائيلي، بل أن بعض المعلّقين عبّر عن قلقه من تصاعد المواجهة على الحدود مع لبنان، ما قد يعطّل أيضاً العمل في حقل كاريش.

يعدّ حقل تمار ثاني أكبر حقل بحري تحتلّه اسرائيل، إذ قام بتوريد 8.7 مليار متر مكعب من الغاز إلى السوق الإسرائيلية في العام الماضي، بالإضافة إلى تصدير 1.57 مليار متر مكعب إلى مصر والأردن

تجدر الإشارة، أن هذه ليست المرّة الأولى التي تضطر دولة الاحتلال إلى إغلاق حقل تمار. ففي العام 2021، استهدفت المقاومة الفلسطينية الحقل، ونجحت مراراً في اختراق الأنظمة الدفاعية وإثبات عدم جدواها في حماية البنية التحتية لإنتاج الغاز.

يعدّ حقل تمار ثاني أكبر حقل بحري تحتلّه اسرائيل، إذ قام بتوريد 8.7 مليار متر مكعب من الغاز إلى السوق الإسرائيلية في العام الماضي، بالإضافة إلى تصدير 1.57 مليار متر مكعب إلى مصر والأردن. كما يُعتبر هذا الحقل المورد الرئيسي للغاز الطبيعي لشركة الكهرباء الإسرائيلية.

خسائر بالجملة

ووفق تحليل الشركة الاستشارية BDO، فإن إغلاق حقل تمار يؤدي إلى خسارة نحو 800 مليون شيكل شهرياً (نحو 205 ملايين دولار)، وذلك نتيجة انخفاض إنتاج الغاز، وارتفاع تكاليف إنتاج الكهرباء عبر البدائل مثل الفحم والديزل، ومن ضمن هذه الخسارة نحو 300 مليون شيكل (نحو 77 مليون دولار) وهي خسائر في إيرادات الخزينة العامّة الإسرائيلية نتيجة فقدان الإتاوات والضرائب، وفقدان الدخل من صادرات الغاز إلى مصر.

وأوضح تشين هيرزوغ، كبير الاقتصاديين في شركة BDO في إسرائيل، أن التحليل تم إعداده بتكليف من شركاء تمار - ومن بينهم شيفرون وإسرامكو - وتم تقديمه أيضاً إلى مجلس الأمن القومي الإسرائيلي.

إغلاق حقل تمار يؤدي إلى خسارة نحو 800 مليون شيكل شهرياً، وذلك نتيجة انخفاض إنتاج الغاز، وارتفاع تكاليف إنتاج الكهرباء عبر البدائل مثل الفحم والديزل

وأدّى إغلاق حقل تمار إلى انخفاض إنتاج الغاز الأسبوعي بنسبة 35%، وانخفاض الصادرات إلى مصر بنسبة 70%. وقال هرتزوغ لوكالة «رويترز» إنه «في حالة تصعيد الحرب سيؤدي ذلك إلى مزيد من التخفيض في إنتاج الغاز الإسرائيلي، وستزداد الخسائر الاقتصادية بشكل كبير، لأنها ستتطلب من إسرائيل ليس فقط خفض الصادرات، ولكن أيضاً تحويل توليد الكهرباء المحلي إلى الفحم والديزل المكلفين».

منذ بداية الحرب، ارتفع استخدام الفحم لتوليد الكهرباء في دولة الاحتلال من 10% إلى 15%. وإلى جانب الأضرار البيئية، تقدّر شركة BDO أن إيقاف إنتاج الغاز الطبيعي يؤدّي إلى زيادة قدرها 80 مليون شيكل شهرياً (نحو 20 مليون دولار) في كلفة إنتاج الكهرباء.

قطاع الكهرباء المتضرّر الأكبر

في هذا السياق، كتب عديئيل إيتان موستكي وشاني أشكنازي في Calcalist أنه «بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الحرب التي تشنّها إسرائيل وإغلاق منصّة الغاز لفترة غير محدودة من الزمن، يُطرح السؤال ما إذا كان الوقت قد حان للتفكير في الضرر الاقتصادي الذي لحق بالاقتصاد». ويشيران إلى مناقشات سرّية جارية في مقر «الأمن القومي» عن هذا الأمر، بطلب من وزارتي المالية والطاقة.

أعلنت وكالة «موديز» أنها تدرس خفض تصنيف شركة الكهرباء بعد الحرب، كما أعلنت أنها بصدد مراجعة تصنيف شركات الغاز في ضوء المخاطر من اتساع الحرب في الشمال

وفق إحصاءات العام 2022، كان الغاز المنتج من حقل تمار يمثّل نحو 57% من حاجات شركة الكهرباء الإسرائيلية. وبالتالي، يُعتبر قطاع الكهرباء المتضرر الأبرز من إغلاق الحقل. فهذه الشركة هي المسؤولة عن شراء الوقود لجميع محطّات توليد الطاقة في دولة الاحتلال، وقد أجبرتها الحرب على اللجوء إلى شراء الديزل والفحم لتعويض النقص الناتج من إغلاق الحقل والتحوّط من احتمالات إغلاق حقلي ليفياثان وكاريش اللذين ما زالا يعملان. ففي 15 تشرين الأول/أكتوبر، أبلغت شركة الكهرباء مستثمريها أنها اضطرت إلى سحب مليار شيكل (نحو 256 مليون دولار) من الصندوق الاحتياطي النقدي الطارئ العائد للشركة (يحتوي على 3 مليارات شيكل) من أجل شراء الوقود الطارئ.

إضعاف القوّة المالية لشركة الكهرباء

لا تنحصر خسائر الاقتصاد الإسرائيلي بالأكلاف المباشرة والفورية لإغلاق حقل تمار واحتمالات إغلاق الحقول الأخرى، فقد أعلنت وكالة التصنيف الائتماني «موديز» أنها تدرس خفض تصنيف شركة الكهرباء بعد الحرب، كما أعلنت أنها بصدد مراجعة تصنيف شركات الغاز في ضوء المخاطر من اتساع الحرب في الشمال. وقالت الوكالة إنها تدرس تصنيف سندات شركة الكهرباء بسبب المخاوف الجيوسياسية، وأيضاً بسبب الخوف من الاستقرار المالي للشركة، وذكرت «موديز» أن شركة الكهرباء لديها سيولة كافية لبضعة أشهر، ولكن بعد ذلك سيحصل «المزيد من التدهور في صندوق النقد الخاص بالشركة، وسيضرّ ذلك بقوتها المالية الضعيفة».

تشير التوقّعات في دولة الاحتلال أن هذه الخسائر سيتم تمريرها إلى المستهلكين عاجلاً أم آجلاً، ما ينعكس زيادة في توقّعات التضخّم وضغوطاً إضافية على الإنتاج، فضلاً عن أن اللجوء إلى الفحم والديزل سيرتب المزيد من الأكلاف البيئية والصحّية. وفي محاولة للحد من آثار ذلك على الأسعار، قرّرت وزارة المال في الأسبوع الماضي تخفيض الضريبة الانتقائية المفروضة على وقود الديزل لإنتاج الكهرباء إلى نسبة 0.36% من مبلغ هذه الضريبة البالغ 3.24 شيكل على الليتر الواحد.