
5 حقائق عن الكلفة البشرية الخفية للعقوبات الغربية
يلجأ الغرب بشكل مفرط إلى العقوبات الاقتصادية لفرض إرادته وتحقيق مصالحه الخارجية في العالم. تُقدَّم العقوبات كبديل «حضاري» عن القنابل، ويروّج لسياسات تجميد الأصول وخنق التجارة على أنّها تضغط على الأنظمة من دون المساس بالمدنيّين.
وضع بحث نشرته «ذا لانست» هذه الرواية موضع الاختبار. تتبّع الباحثون بيانات على مدار 5 عقود ممتدّة بين عامي 1971-2021 في 152 بلداً، وقارنوا أثر العقوبات المختلفة على معدلات الوفيات في مقابل الكلفة البشرية للحروب. وأظهرت النتائج أنّ العقوبات ترفع الوفيات في جميع الفئات العمرية ولا سيما الأطفال، وأنّ العقوبات الأحادية، ومعظمها بقيادة أميركية، أشد فتكاً من تلك التي تفرض بتفويض أممي، وأنّ الأطفال دون الخامسة يتحملون أكثر من نصف الوفيات المرتبطة بالعقوبات، وأنه كلما طالت مدة العقوبات تضاعفت أضرارها، وأن العقوبات الحديثة تقتل سنوياً مدنيين أكثر من الحروب نفسها.
ما يلي عرض لخمس حقائق عن الكلفة البشرية الخفية للعقوبات، يُظهر ما إن كانت هذه الأداة هي فعلاً البديل الإنساني المزعوم.
الحقيقة الأولى: العقوبات ترفع الوفيات في جميع الفئات العمرية
تتبّع الباحثون 152 دولة على مدى 5 عقود، ووجدوا أن فرض أي عقوبات اقتصادية يرفع معدلات الوفيات في كل الفئات العمرية المقيسة. وبحسب النتائج، فقد ارتفعت وفيات حديثي الولادة بنسبة 5.5%، والرضع بنسبة 8.4%، والأطفال دون الخامسة بنسبة 8.8%، فيما ارتفعت وفيات البالغين بين 60 و80 عاماً بنسبة 2.4%. تبقى هذه النتائج ثابتة حتى بعد ضبط أثر الحروب، والانكماش الاقتصادي، والإنفاق الصحي، ما يشير إلى أثر مباشر للعقوبات، لا مجرد انعكاس لهشاشة أوضاع البلاد الخاضعة للعقوبات.
الحقيقة الثانية: العقوبات الغربية الأحادية هي الأكثر تدميراً
فرّقت الدراسة بين العقوبات الأحادية التي تفرضها دول منفردة غالباً بقيادة أميركيّة، والعقوبات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن، ووجدت أنّ العقوبات الأحادية تُظهر أثراً إحصائياً كبيراً. على سبيل المثال، ترتفع وفيات الأطفال دون الخامسة بنسبة 7.1% في ظل العقوبات الأحادية في مقابل 0.2% فقط في ظل العقوبات الأممية. ويتكرّر النمط نفسه في الفئات الأخرى، ما يعكس أنّ عقوبات الأمم المتحدة هي أكثر دقّة أو «وقائيّة» من العقوبات المالية التي تفرضها القوى الكبرى منفردة.
الحقيقة الثالثة: الأطفال دون الخامسة يشكلون نصف وفيات العقوبات
اعتمدت الدراسة على حسابات الوفيات الزائدة المرجّحة سكانياً بين عامي 2012 و2021، وقدّرت أن العقوبات تسببت في نحو 777 ألف وفاة إضافية سنوياً. ومن اللافت أن 51% من هذه الوفيات كانت لأطفال دون سن الخامسة، و26% لأشخاص بين 60 و80 عاماً، والباقي (23%) توزّع على الفئات الأخرى. هذا التركّز في طرفَي الحياة الأكثر هشاشة يُبرز كيف تُدمّر العقوبات البُنى الحيوية، من سلاسل الغذاء والكهرباء إلى معالجة المياه والرعاية الصحية، ما يستهدف مباشرةً الفئات الأضعف في المجتمع.
الحقيقة الرابعة: يتفاقم أثر العقوبات مع مرور الزمن
لا يقتصر الضرر على لحظة فرض العقوبات بل يتعاظم مع الوقت. في خلال السنوات الثلاث الأولى من فرض العقوبات، تسجّل وفيات الرضع بنسبة 6.1%؛ وبين السنة الرابعة والسادسة من فرض العقوبات تبلغ النسبة نحو 8.6%؛ وبعد السنة السابعة من فرض العقوبات تتجاوز نسبة وفيات الرضع 10.5%. وتُظهر الرسوم البيانية عدم وجود «تأثير توقعي» قبل فرض العقوبات، ما يعزّز الفرضية السببية: كلما طال أمد القيود، تهاوت الأنظمة الصحية، نفدت الأدوية، وتراجعت دخول الأسر، ويُترجم ذلك إلى وفيات يمكن تفاديها.
الحقيقة الخامسة: تفتك العقوبات بالمدنيين أكثر من الحروب
لمقارنة الكلفة البشرية، قدّرت الدراسة أنّ العقوبات الأحادية تسبّبت في 564,000 وفاة سنوياً بين 2012 و2021، في مقابل 106,000 وفاة سنوياً في المعارك المسلّحة في خلال الفترة نفسها. ما يعني أن العقوبات تقتل مدنيين أكثر بـ5 أضعاف مما تفعله الحروب. لقد تحوّلت أداة الإكراه الاقتصادي من بديل «إنساني» عن الحرب إلى سلاح دمار شامل بآليات بيروقراطية وبطء قاتل.