Preview اللانظامية

نصف القوى العاملة العربية «لانظامية»

أكثر من نصف القوى العاملة في البلدان العربية هم عمّال لا نظاميين وعاملات لا نظاميات أو يعملون ويعملن في أنشطة ومؤسّسات لا نظامية، أي أن هناك نحو 28.6 مليون عامل وعاملة يجري استغلالهم من أصحاب العمل والمشاريع في أعمال شاقّة لساعات طويلة في اليوم، ومن دون أي حمايات قانونية أو اجتماعية، ويجري تشغيلهم غالباً على أساس المياومة وفي مقابل أجور زهيدة تقلّ عن الحد الأدنى للأجور المعتمد في كل بلد.

تشير بيانات منظّمة العمل الدولية، في تقريرها الأخير بعنوان «التشغيل والآفاق الاجتماعية في الدول العربية - اتجاهات 2024»، إلى شيوع العمالة اللانظامية في الدول العربية بين الشباب واللاجئين والفئات الأكثر ضعفاً وأصحاب المستويات التعليمية المتدنية. لذلك، توجد روابط وثيقة بين العمل اللانظامي والفقر.

يعني العمل اللانظامي أن العمّال والعاملات يعملون ويعملن في أنشطة اقتصادية لا ينظّمها القانون، أو في مؤسّسات غير مُسجّلة رسمياً ولا تصرّح عن أعمالها وعمّالها وعاملاتها، أو يعملون ويعملن في أنشطة ومؤسسات منظّمة ولكن أصحاب العمل لا يصرّحون عن عمّالهم وعاملاتهم ويتهرّبون من الموجبات القانونية المفروضة عليهم، مثل الالتزام بالحد الأقصى لساعات العمل أو الحد الأدنى للأجور أو تسديد اشتراكات الضمان الاجتماعي وتعويضات نهاية الخدمة أو الصرف من العمل، وغيرها. وتتخذ العمالة اللانظامية أشكالاً مختلفة ومتنوّعة، فوفق تعريف منظّمة العمل الدولية، يشمل العمل اللانظامي العاملين والعاملات لحسابهم الخاص في أنشطة غير منظمة، والعاملين والعاملات في مؤسّسات القطاع اللانظامي، أو العاملين والعاملات في أسرهم، والعاملين والعاملات في وظائف غير منظّمة.

في خلال جائحة كوفيد-19، فشل الاقتصاد اللانظامي في استيعاب أولئك الذين فقدوا وظائفهم المنظّمة في العالم العربي. وبدلاً من ذلك، انخفضت العمالة اللانظامية بنسبة 2% في العام 2020 بالمقارنة مع ما كانت عليه في العام 2019. وعلى الرغم من أن التأثير الأولي للجائحة على العمّال والعاملات النظاميين واللانظاميين كان بالمستوى نفسه، فقد انتعشت العمالة اللانظامية بمعدّل أسرع من العمالة النظامية بعد انكفاء الجائحة. وبحلول العام 2023، ارتفعت العمالة اللانظامية بنحو 10% نسبة إلى مستواها قبل الجائحة، في حين زادت العمالة النظامية بنسبة 6%.

يذكر التقرير لبنان والعراق كأحد الأمثلة الفاقعة عن تفشّي اللانظامية في الدول العربية، إذ تشير البيانات الرسمية إلى أن العمالة اللانظامية ارتفعت من 54.9% في العامين 2018 و2019، أي قبل الجائحة، إلى 62.4% في العام 2022، وبالمثل، في العراق، شكّلت العمالة اللانظامية ثلثي إجمالي العمالة في البلاد في العام 2021.

53% من الرجال يعملون بشكل لا نظامي

تنتشر العمالة اللانظامية بين الرجال (53.0%) أكثر من انتشارها بين النساء (39.0%)، وبحسب منظّمة العمل الدولية، يرجع ذلك جزئياً إلى عمل المرأة في الدول العربية في القطاع العام والقطاعات والمهن التي عادة ما تكون مناسبة، لناحية فترات العمل، مع الواجبات الملقاة على عاتقها لرعاية الأسرة.

اللانظامية

8 من كلّ 10 عمّال غير متعلّمين يعملون بشكل لا نظامي

تشير تقديرات منظّمة العمل الدولية إلى أن الانخفاض في العمالة اللانظامية في جميع مناطق العالم يرتبط بشكل وثيق بارتفاع مستويات التعليم. في الدول العربية، 8 من كلّ 10 عمّال غير متعلّمين يعملون بشكل لا نظامي في العام 2019. وتنخفض هذه النسبة مع ارتفاع مستويات التعليم، ولكنها تبقى مرتفعة نسبياً بين من أنهوا تعليمهم ما بعد الثانوي (42.2%).

اللانظامية

العمالة اللانظامية ليست محصورة في القطاع اللانظامي

سُجّلت غالبية العمالة اللانظامية في القطاع غير المنظّم وبلغت نسبة 78.7%، في مقابل 12.5% فقط ​​في القطاع النظامي، و8.7% لدى أسر العاملين والعاملات. من جهة أخرى، كانت غالبية العمّال اللانظاميين (73.9%) من العاملين بأجر، يليهم العمّال لحسابهن بنسبة 23.1%، ثم العمّال ضمن الأسرة بنسبة 2.9%.

اللانظامية

8 من كل 10 عمّال شباب يعملون بشكل لانظامي

يعمل الشباب في المنطقة بشكل لانظامي أكثر من نظرائهم البالغين، فالعمالة اللانظامية تستحوذ على 8 من كل 10 عمّال شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، وعلى 6 من كل 10 شباب بالغين تتراوح أعمارهم بين 25 و29 عاماً.

اللانظامية

العمالة اللانظامية للفئات الأكثر ضعفاً

تكشف نتائج الأبحاث باستمرار أن جزءاً كبيراً من اللاجئين يعملون بشكل لا نظامي، وكثيراً ما يتسم هذا العمل بظروف عمل دون المستوى الاعتيادي، والتمييز والاستغلال، والأجور غير العادلة، وبيئة العمل غير الآمنة، ومحدودية فرص التقدّم الوظيفي. ففي لبنان، على سبيل المثال، قيّمت منظمة العمل الدولية العمالة اللانظامية بين الفئات المحرومة، ووجدت أن 95% من اللاجئين السوريين العاملين واللاجئات السوريات العاملات، و93.9%من اللاجئين الفلسطينيين العاملين واللاجئات الفلسطينيات العاملات يعملون بشكل لانظامي، وأن 64.3% من الفئات الأشدّ ضعفاً من السكان اللبنانيين يعملون أيضاً بشكل لانظامي.