
هكذا دواليك
هكذا تقتلنا شركات التكنولوجيا
في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2023، كانت هدى حجازي، مواطنة من جنوب لبنان، تُسرع في إبعاد بناتها ريماس (14 عاماً)، تالين ( 12 عاماً) وليانا (10 أعوام) من خطر القصف الإسرائيلي في محيط تواجدهم الى مكان أكثر أماناً، في ظل عمليات المراقبة المتواصلة عبر المسيّرات الإسرائيلية التي يعرفها اللبنانيون جيداً منذ عشرات السنين ويطلقون عليها اسم "إم كامل". في تلك العشية، وبحسب تقرير لوكالة آسوشيديت برس الأميركية، طلب الأهل من الأطفال الثلاثة أن يلعبن أمام المنزل كوسيلة غير مباشرة لتتمكن المسيّرات من تصويرهن والتأكد من أن السيارة التي ستتحرك فيما بعد تقلّ أطفالا مدنيين. في الطريق، يُظهر فيديو مسجّل، من إحدى كاميرات المراقبة الخاصة بأحد المحال التجارية، توقف حجازي ونزولها مع احدى بناتها للتزود بقناني مياه للشرب قبل أن يكملن مسيرهن تحت المراقبة المستمرة للمسيّرات الإسرائيلية، التي قامت باستهدافهن بعد دقائق في مكان يبعد حوالي 1.7 كلم. في اليوم التالي، وخلال إعلان الجيش الإسرائيلي عن قصف سلاح الجو لـ٤٥٠ هدفا مفترضا لحماس، كشفت وكالة أسوشييتد برس أن بعض الصور المستعملة يعود للطريق التي سلكتها هدى حجازي وبناتها وانتهت بقصفهم بعد دقائق من مغادرتهن لمتجر المياه.
من اتخذ القرار بقتل ريماس وتالين وليانا في تلك العشية؟ هذا سؤال سيبقى دون إجابة مفصّلة؟ لكن، سواء كان القتل بنتيجة قرار مباشر اتخذته برمجيات الاستهداف المؤتمتة أو قرار بشري، فهذا لا يغير في النتيجة. فكل عمليات القتل التي تنفذها اسرائيل ترتكز على ماكينة قتل جماعي ذات طبيعة هجينة. إذ تجمع ما بين العامل البشري ذو التدريب العالي والجاهزية القصوى، وبرمجيات الذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً المدعومة بقدرات لا متناهية من الخدمات الاستشارية والهندسية لشركات مثل غوغل ومايكروسوفت وميتا وApple. بالإضافة لدفق معدات الفتك الأكثر قوة ومقدرة على الاستهداف والقتل والتي أنتجتها البشرية حتى يومنا هذا. حين تقوم مسيّرة اسرائيلية باستهداف أفراد أو بنية تحتية في غزة أو لبنان، كما في حالة ريماس وتالين وليانا، إنما يكون هذا الفعل الميداني التنفيذي ثمرة للتعاون المباشر بين هذه المكونات الثلاثة.
هكذا تصبح شركات التكنولوجيا مكوناً أساسياً في تسهيل عمليات القتل الإسرائيلية وشريكاً (غير) مباشر، اقلّه، هذا ما ظهر واضحا في الحرب الإبادية على غزة وفي الحرب على لبنان. ترتبط معظم هذه الشركات بعلاقات تعاون وعقود تقديم خدمات وشراكات استراتيجية مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وهي تلعب دوراً قيادياً في تحسين فعاليتها العملياتية بشكل يومي. لكن تبقى شركات مجموعة غافام (GAFAM) - وهي اختصار لاسماء شركات Google وApple وFacebook/Meta وAmazon وMicrosoft - والتي تمثل المجموعة الأكثر قوة وهيمنة على السوق العالمية للخدمات الرقمية واللاعب الأكثر تأثيراً في القدرة العملياتية للجيش الاسرائيلي. وكما سنعرض أدناه، فإن العلاقة بين غافام والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية تتعدى كونها علاقة تعاقدية محدودة، وتشكل ما يمكن اعتباره الامتداد المدني الكوكبي للجيش الإسرائيلي.
غوغل وأمازون ومشروع "نيمبوس"
انطلق مشروع "نيمبوس" في العام 2021، بقيمة وصلت الى نحو 1.2 مليار دولار، وأسس للتعاون المباشر بين وزارة المالية الإسرائيلية وشركتي غوغل و أمازون في مجال خدمات تكنولوجيا الحوسبة السحابية ومعالجة البيانات وتطوير تطبيقاتها الخاصة. وفي العام 2024، كشف تقرير مجلة انترسبت الأميركية وجود لائحة تفصيلية بالجهات الإسرائيلية التي تستفيد من خدمات مشروع "نيمبوس"، ومن ضمنها شركتي الصناعات الإسرائيلية الأكبر رافاييل والشركة الإسرائيلية للصناعات الفضائية (IAI) المملوكتين للدولة، بالإضافة الى الجيش ومختلف المؤسسات الأمنية والوحدات المتخصصة وفي مقدمتها الوحدة 8200، بالاضافة لجهات أخرى كوحدة الاستيطان المسؤولة عن توسيع الاستيطان غير القانوني في الضفة الغربية وبنك إسرائيل وهيئة المطارات.
لكن تفصيل الخدمات التي يقدمها المشروع بقيت لسنوات طي الكتمان، حتى كشفت مجلة انترسبت عبر التدقيق بكراسات مخصصة لتدريب المستخدمين عن حصول المؤسسات الحكومية الإسرائيلية وعلى رأسها الجيش والأجهزة الأمنية على مجمل خدمات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي عبر منصة غوغل للحوسبة السحابية، بما يمكن اسرائيل من تعظيم قدراتها في كل ما يتعلق بتحديد الوجوه، التصنيف الآلي للصور، تعقب الأفراد، وبالاضافة لخدمة توقّع وتصنيف طبيعة المشاعر البشرية من خلال تحليل الصور والصوت والكتابة.
الاستعمال الأخطر للبنية التحتية الرقمية لميتا يأتي عبر بناء نظام الاستهداف المأتمت لافندر، الذي يقوم بتحديد الأهداف، بشكل جزئي، بناء على الميتاداتا الخاصة باستخدام منصة واتساب
أعاد "نيموبس" عملياً تشكيل ذراع القتل المؤتمتة للجيش الاسرائيلي، بما يزيد من قدرته على الفتك بالأهداف عبر: تحسين القدرة على المعالجة الفورية للصور التي تلتقطها المسيّرات، وربطها بأنظمة معلوماتية أخرى كتلك المتعلقة بتحديد المواقع الجغرافية للهواتف النقّالة وأنظمة تنفيذية تتخذ القرار بالاستهداف المباشر. وفي 10 تموز/ يوليو 2024، كشفت راشيل دمبنسكي، قائدة وحدة الحوسبة وأنظمة المعلوماتية (مامران) المسؤولة عن خدمات معالجة البيانات لمجمل القوات العسكرية الإسرائيلية، عن استخدام خدمات غوغل وأمازون بالاضافة لخدمة آزور من مايكروسوفت. وقد عللت ذلك بالضغط الكبير الذي نتج من الحرب على غزة وعدم قدرة المنصات الخاصة بالجيش الاسرائيلي على معالجة تدفق المعلومات الميدانية، بما قد يعيق الجهد العملياتي للجيش. لكن الميزة "الأهم" التي تقدمها هذه الشركات، بحسب ديمبينسكي، تكمن في وضعها بتصرف الجيش قدرات هائلة في مجال تخزين البيانات وتقنيّات التحليل المرتكزة على الذكاء الاصطناعي، ما منحهم "فعالية عملياتية كبيرة جدًا" تمكنهم من رصد وتحديد وتحييد كل من يقيم في قطاع غزة كلما احتاجوا لفعل ذلك. وفي شرح مفصل لمجريات العمليات، يقول أحد مصادر مجلة +972 الاسرائيلية أنهم كانوا يتقدمون بطلبات بيانات عبر نظام AWS الموصول بشاشة خاصة في مكاتبهم بجانب الشاشة الموصولة بأنظمة الجيش العملياتية. علماً أنه بحسب مشروع نيموبس، قامت شركتي غوغل وامازون بإنشاء مزارع البيانات، التي تضم الآلاف من السيرفرات على الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، ما يجعلها حصراً تحت القوانين الاسرائيلية ويعفيها من المساءلة، ويضمن للجيش القدرة على الوصول للمعلومات التي يحتاجها في عملياته من دون خطر التوقيف القضائي.
مايكروسوفت والمسيّرات الإسرائيلية
بدورها، تتمتع شركة مايكروسوفت بعلاقة عمل وطيدة مع المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، التي تعتبر ثاني أهم عملائها العسكريين بعد الجيش الأميركي. إذ حصلت في العام 2021 على عقد بقيمة 133 مليون دولار. يتضمن العقد تقديم حوالي 635 اشتراك فردي موزعة بين مختلف وحدات الجيش الإسرائيلي، ومن بينها وحدة مامران و8200. وكشفت وكالة أسوشيتد برس، بعد مراجعة داخلية لمنشورات لشركة مايكروسوفت، أن استخدام الجيش الإسرائيلي لخدمات الذكاء الاصطناعي من Microsoft و OpenAI وصل في اذار/ مارس 2024 إلى نحو 200 ضعف ما كان عليه في الأسبوع الذي سبق هجوم 7 تشرين الاول/ اكتوبر 2023. كما تضاعف مجمل حجم البيانات المخزّنة على خوادم مايكروسوفت ليصل لحوالي 13.6 بيتابايت، او ما يعادل 350 ضعف حجم القدرة التخزينية التي نحتاجها لتخزين كل الكتب الموجود في مكتبة الكونغرس الأميركي. وتدعم برمجيات آزور القدرات العملياتية للجيش الاسرائيلي وتحديداً الوحدة 8200، من خلال تأمين خدمات التخزين ومعالجة البيانات الخاصة بالمكالمات الهاتفية والرسائل النصية والصوتية، بما يُمكّن من معالجة هذه البيانات بسرعة قصوى ومقاطعتها مع البيانات المتوفرة لدى برمجيات عسكرية أخرى لدى الجيش. وفي إشارة إلى ضخامة استراتيجية العلاقة مع مايكروسوفت، كشف تحقيق لمجلة الغارديان أن برمجيات آزور تمكن الوحدة 8200 من رصد وتحليل حوالي مليون مكالمة في الساعة الواحدة. وبحسب التقرير نفسه، فقد وصلت نسبة البيانات المخزّنة لصالح اسرائيل في خوادم الشركة في هولندا وايرلندا الى ما يعادل 200 مليون ساعة من التسجيلات.
الهدف هو وضع جميع الفلسطينيين المتواجدين في غزة والضفة الغربية تحت المراقبة الشاملة والمتواصلة. في معرض شرحه للأخطاء التي "ارتكبتها" برمجيات مايكروسوفت، يتحدث أحد العناصر العسكرية لوكالة أسوشيتد برس عن حادثة جرت معه شخصياً، ففي أحدى المرات قام البرنامج بتصنيف ألف طالب فلسطيني كعناصر عسكرية كون أسماءهم وردت في ملف Excel يعرض النتائج النهائية لأحد الامتحانات، وان البرمجية ارتكزت على صفة "نهائي" لتقوم بتصنيفهم كأهداف مشروعة دائماً بحسب المصدر عينه، الذي زعم "انه لولا لم يُلاحظ الأمر لكانوا جميعاً في عداد المستهدفين". اللافت في كلام المتحدثين الاسرائيليين، بمن فيهم اولئك الذين يتحدثون بصفة نقدية، هو عدم أنسنة المستهدفين، ففي تقرير آخر نشرته مجلة +972 الاسرائيلية، يتحدث أكثر من عنصر إسرائيلي عن وجود هامش من الخطأ الذي يمكن يتحمله، والذي قد يصل ال 15 او 20 ضحية لكل عنصر من حماس يتم تحديد موقعه، مهما كانت رتبته. وتشير هذه العناصر الى أنه عند بدء الحرب على غزة كان لدى الاسرائيليين قاعدة بيانات تضم أكثر من 35 ألف اسم من الأفراد في غزّة الذين قد جرى تصنيفهم مسبقاً كأهداف مشروعة.
قامت شركتي غوغل وامازون بإنشاء مزارع البيانات، التي تضم الآلاف من السيرفرات على الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، ما يجعلها حصراً تحت القوانين الاسرائيلية ويعفيها من المساءلة، ويضمن للجيش القدرة على الوصول للمعلومات
بالمحصلة، قدمت شركة مايكروسوفت نحو 19 الف ساعة عمل من الدعم الهندسي والاستشاري بين تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحزيران/ يونيو 2024. وهي تقوم منذ العام 2014 باستثمارات طائلة في قطاع شركات التكنولوجيا الناشئة في اسرائيل، منها على سبيل المثال استثمار نحو 74 مليون دولار في شركة الامن الاسرائيلية AnyVision، التي تقوم بتقديم خدمات المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي للحكومات والوكالات الأمنية في مختلف دول العالم مرتكزة على تجربتها مع الفلسطينيين كدليل على دقة خدماتها، وقد أجبرت مايكروسوفت على إلغاء استثمارها تحت الضغوط. ولدى شركة مايكروسوفت عقودا مع ادارة السجون الاسرائيلية، بالاضافة الى عقد تعاون مع شركة Elbit Systems ، احدى شركات الصناعات العسكرية الاسرائيلية المسؤولة عن تأمين جزء اساسي من اسطول المسيّرات الخاص بالجيش، والتي مارست وما تزال عمليات قتل يومية في غزة ولبنان، اذ تقدّم مايكروسوفت لهذه الشركة خدمات الحوسبة السحابية لنظام المحاكاة الخاص بها، والذي يساعد في تدريب عناصر الجيش على استعمالها. كما تساعد برمجية آزور من تحسين قدرة المعالجة الفورية لدفق الصور التي تلتقطها المسيّرات ما يزيد من قدرة الفتك والقتل لهذه المنظومة. كما تستخدم مختلف الوحدات العسكرية خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative Ai) لتحسين قدراتها على الترجمة الفورية للمحادثات والبيانات الصوتية، بالاضافة لإنتاج مواد تستخدم في البروباغندا العسكرية.
ميتا – الخوارزمية في خدمة بروباغندا الإبادة
بدورها، تنخرط شركة ميتا، التي تضم ثلاثة من أكبر منصات التواصل الاجتماعي في العالم (فيسبوك إنستغرام، واتساب)، بشكل حثيث في دعم المجهود الحربي الاسرائيلي، وتلعب دور الذراع الاعلامية الرقابية على المستوى العالمي. تعتمد الشركة سياسة الاستهداف الممنهج للمحتوى الفلسطيني. تشير دراسة لهيومن رايتس ووتش الى أنه، من ضمن 1050 محتوى محذوف، او جرى الحد من انتشاره، تماشياً مع سياسات ميتا للنشر، يوجد محتوى واحد فقط لا يحمل خطاباً سلمياً. بالمقابل، تنخرط ميتا بشكل مباشر في دعم وتعظيم انتشار البروباغندا الإسرائيلية، بما في ذلك دعم انتشار الدعايات التي تدعو إلى تأمين الأموال لشراء تجهيزات لوجستية كـ"ترايبود" لتحسين فعالية القنص في جباليا، وهذا الاعلان كان ما زال متاحا للعموم حتى 17 تموز/ يوليو 2025. كما جرى توثيق حملات جمع أموال ودعم لشراء مسيّرات مدنية صغيرة الحجم كتلك المعروفة بالـ"كوادكابتر"، التي تُستعمل في عمليات المراقبة والقنص ورمي القنابل، كما يحصل في غزة بشكل يومي وكما يحصل في لبنان وتحديدا في القرى الجنوبية حيث تقوم هذه المسيّرات التي يعدّلها الجيش الاسرائيلي بترويع الناس وإلقاء مواد متفجرة من ضمن مهامها العملانية. كما ان دراسة لمنظمة سمكس اللبنانية، المعنية بالحقوق الرقمية، دققت في عينة من حوالي 4500 اعلان مخزنة في المكتبة الرقمية الخاضة بميتا والمفتوحة، وكشفت عن الانحياز الكلي لميتا لصالح دعم انتشار البروباغندا الإسرائيلية، بما في ذلك الحملات الدعائية التي ترحب بقتل الفلسطينيين أو تلك التي تروج لبيع اراض فلسطينية بهدف الاستيطان غير القانوني. يبقى أن الاستعمال الأخطر للبنية التحتية الرقمية لميتا يأتي عبر بناء نظام الاستهداف المأتمت لافندر، الذي يقوم بتحديد الأهداف، بشكل جزئي، بناء على الميتاداتا الخاصة باستخدام منصة واتساب. كما توظف ميتا وبشكل واسع عناصر عملت سابقاً في المؤسسات الأمنية الاسرائيلية (حوالي 100 موظف) في مجالات تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي تحديداً.
إيديولوجيا التكنولوجيا
هل نجد في ما سبق جواباً عمن قتل ريما وتالين وليانا في جنوب لبنان وغيرهم من عشرات الآلاف من اللبنانيين والفلسطينيين؟ الجواب واضح ولا يحتاج للتفسير. فالتكنولوجيا نفسها ليست مصممة للقتل، لكن وضعها في خدمة القاتل يجعل منه قاتلا أكثر احترافاً وأكثر قتلا. وهكذا فعلت شركات التكنولوجيا الكبرى مع إسرائيل. فإذا كانت اسرائيل تقوم اليوم بما يمكن اعتباره الحل الإبادي النهائي للقضية الفلسطينية، فان شراكاتها السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، المستمرة حتى بعد استعمال التجويع كسلاح للقتل الجماعي، هي أمر يتخطى البعد الاقتصادي لتصبح خياراً ايديولوجيا واضحاً منحازاً للقاتل وشريكاً له.
برمجيات آزور تمكن الوحدة 8200 من رصد وتحليل حوالي مليون مكالمة في الساعة الواحدة. وبحسب التقرير نفسه، فقد وصلت نسبة البيانات المخزّنة لصالح اسرائيل في خوادم الشركة في هولندا وايرلندا الى ما يعادل 200 مليون ساعة من التسجيلات
لا يمكن للحياد أن يكون خياراً، ولا يمكن مهادنة الجعجعة الخاوية والمفرغة من أي فهم نقدي، بالحد الأدنى، لمسار التطور التكنولوجي وعلاقته العضوية والامبريالية والاستعمار. التكنولوجيا اليوم، هي بالدرجة الأولى جزء من إيديولوجيا الابادة التي تمارسها اسرائيل في حربها وإعادة إنتاج نفسها كالحاكم المهيمن على الشرق الأوسط بالقوة النارية والتقانة. فعسكرة الخوارزميات ليست خياراً اقتصادياً فقط. والحوسبة السحابية ليست أداة للاستخدام الفردي اليومي. هي تقتل الأطفال والمدنيين والعسكريين في لبنان وغزة ليس بقرار ذاتي إنما بخيارات سياسية واضحة التموضع والمصالح. هذه التكنولوجيا، هي أداة إبادة ولايمكن اعتبارها إلا جزء أساسي من المجهود الإبادي الذي تبذله إسرائيل وعليه فيجب أن تتحمل هذه الشركات المسؤولية الكاملة عن هذا الفعل.