كيف تحقّق «أمازون» الأرباح من الإبادة الجماعية وسحق النقابات وتلويث الكوكب؟
يستعدّ عمّال المستودعات ومصانع الملابس ونشطاء المناخ والمدافعين عن حقوق المهاجرين ومجموعات التضامن مع فلسطين في مختلف القارات لتنظيم أكبر تحرّك عالمي منسّق ضدّ شركة «أمازون» يوم الجمعة في 28 تشرين الثاني/نوفمبر، الذي يصادف يوم «الجمعة السوداء» العالمي (Black Friday). تشمل التحرّكات عشرات المدن حول العالم، وتأتي ضمن حملة «اجعلوا أمازون تدفع». تدعو هذه التحركات المستهلكين إلى توقيع تعهّد «ولا فلس واحد للإبادة» (Not a Dime for Genocide)، والامتناع عن الشراء من أمازون في خلال «الجمعة السوداء» وحتى الأول من كانون الأول/ديسمبر، والالتزام بعدم شراء المنتجات المُدرجة في قوائم المقاطعة (BDS).
تنظّم هذه التحرّكات «التقدّمية العالمية» بمشاركة أكثر من 80 اتحاداً عمّالياً ومنظّمة بيئية ومجموعات مجتمع مدني وعدالة ضريبية ونشطاء من العالم، وهي تهدف إلى تسليط الضوء على ما تصفه الحملة بانتهاكات الشركة بحق العمّال، وممارساتها المدمّرة للبيئة، وتهرّبها الضريبي، بالإضافة إلى دورها في تسهيل القمع الحكومي و«الإبادة الجماعية» بحق الشعب الفلسطيني.
لم تعد «أمازون» مجرّد شركة تجارة إلكترونية، بل أصبحت «بنية تحتية مركزية للسلطة والأمن والقوة»، تعتمد عليها مؤسّسات حكومية وأمنية حول العالم لتشغيل أنظمة مراقبة وجمع بيانات ضخمة، مستندة إلى خدمات الحوسبة السحابية التي توفّرها. وبالفعل، حقّقت «أمازون» أرباحاً بقيمة 59.2 مليار دولار في العام 2024 من الخدمات التي توفّرها إلى الدول واستغلال العمّال في ظروف عمل قاسية وغير إنسانية، والتهرّب من دفع الضرائب العادلة على أرباحها، فضلاً عن الإضرار بالبيئة من دون دفع أي تعويضات.
كيف تعمل أمازون وكيف تحقّق أرباحها؟
1. دعم الاحتلال وقمع المهاجرين
تجني «أمازون» جزءاً من أرباحها من العنف والمراقبة والقمع حول العالم.
ترتكز الحملة على مشاركة أمازون في «مشروع نيمبوس» الذي تبلغ قيمته نحو 1.2 مليار دولار، وهو اتفاق مشترك بين «أمازون» و«غوغل» لتزويد المؤسّستين العسكرية والأمنية في إسرائيل بخدمات سحابية متقدّمة وأدوات ذكاء اصطناعي تستخدم في تعزيز المراقبة وسياسات القمع، وإدارة الاحتلال، وتسهيل الإبادة الجماعية، إذ تكشف وثائق مُسرّبة أنه يتيح معالجة بيانات حسّاسة وتتبّع الفلسطينيين وتسهيل الاعتداء عليهم وقتلهم. وقد قدّم موظّفون في «أمازون» و«غوغل» شكاوى داخلية بشأن استخدام التكنولوجيا في عمليات الاحتلال، كما استقال عدد من مهندسي الشركة احتجاجاً على أعمالها. فضلاً عن ذلك، الشركة متهمة بتهميش العاملين الذين ينظّمون حملات لإنهاء دورها في الصناعات العسكرية والأمنية ضمن مبادرة No Tech for Apartheid.
لا يتوقّف ضلوع «أمازون» بالقمع العسكري على دعمها لدولة الاحتلال، بل توفّر أيضاً البنية التكنولوجية لوكالة الهجرة الأميركية المتهمة بتنفيذ عمليات ترحيل قسرية وعنيفة بحق المهاجرين، وقد طالت الشركة انتقادات كثيرة بسبب دورها في دعم البنية التحتية لاعتقالات المهاجرين. تشغّل «أمازون» لصالح وكالة الهجرة الأميركية أنظمة المراقبة الخاصة بتتبع المهاجرين، ولا سيما Amazon Web Services، وقد بلغت قيمة عقد أحد التقنيات بين «أمازون» ووكالة الاستخبارات الأميركية أكثر من 600 مليون دولار سنوياً.
2. استغلال العمّال حول العالم
لا تكتفي «أمازون» بدعم الممارسات القمعية بل لديها ممارسات استغلالية تغذّي أرباحها السنوية.
بينما تجني الشركة المليارات من «الجمعة السوداء» يدفع العمّال الثمن. تُظهر التقارير أن أمازون تسجّل أعلى معدّل لإصابات العمّال داخل المستودعات في الولايات المتّحدة، وبحسب تقرير Strategic Organizing Center لعام 2023، تبلغ نسبة إصابات عمال أمازون 6.6 إصابة لكل 100 عامل، أي ضعف المعدل الوطني تقريباً، كما سجّلت نحو 39 ألف إصابة في مرافق «أمازون» في العام 2022، وتبيّن أن معدّل نقل العمّال إلى المستشفيات أو حصولهم على إجازات مرضية يفوق شركات الشحن المنافسة بنحو 67%. فضلاً عن ذلك، الشركة متهمة بتشغيل العمّال في ظروف عمل شاقة قد يقطع فيها العامل الواحد ما يقارب 24 كيلومتراً في النوبة الواحدة، إلى جانب اتهامات متكرّرة بإعاقة الجهود التنظيمية والنقابية، بما في ذلك قضية Amazon vs. Staten Island Union التي تبيّن تدخل الشركة مباشرة ضد حملة إنشاء نقابة للعمال.
3. التهرّب الضريبي
تُعد أمازون من أكثر الشركات استفادة من الثغرات الضريبية.
تواجه الشركة انتقادات حادّة على خلفية ممارساتها الضريبية. ففي العام 2021، حقّقت الشركة أرباحاً بلغت 33 مليار دولار بينما لم يتجاوز معدل الضرائب الفعلي الذي دفعته 6%. وبين عامي 2018 و2022، دفعت «أمازون» صفر دولار ضريبة فيدرالية في الولايات المتحدة. أمّا في أوروبا، فقد تبيّن أن قسم Amazon EU Sarl في لوكسمبورغ سجّل إيرادات تجاوزت 51 مليار يورو في العام 2021 من دون دفع ضرائب على الأرباح.
4. تلويث البيئة
الأرباح التي تحقّقها «أمازون» ترتّب كلفة باهظة على الكوكب.
على الصعيد البيئي، وعلى الرغم من تعهّد أمازون بخفض الانبعاثات، تشير التقارير البيئية إلى زيادة سنوية مستمرة. إذ ارتفعت انبعاثات أمازون إلى نحو 69 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في العام 2024، وزادت انبعاثاتها بنسبة 40% منذ توقيعها «تعهّد المناخ» في العام 2019، وهو مستوى يتجاوز انبعاثات 187 دولة.
تنتج هذه الانبعاثات بشكل أساسي عن عمليات الشحن والتسليم التي تنشط فيها وتعد مسؤولة عن 15% من الانبعاثات الإجمالية، فضلاً عن النفايات الإلكترونية والبلاستيكية التي تنتجها وقد زادت عن 300 مليون كيلوغرام سنوياً بحسب منظّمة Oceana، بالإضافة إلى تأثيرات مراكز البيانات على المناخ.