
الإدارة الأميركية تحرق المساعدات لمنع وصولها إلى الدول الفقيرة
ستُحرق الولايات المتحدة الأميركية موانع حمل بقيمة 10 ملايين دولار، بعد أن رفضت واشنطن مقترحات من الأمم المتحدة ومنظمات غير ربحية لشراء هذه الإمدادات أو إرسالها إلى الدول الفقيرة.
وتشمل هذه الإمدادات غرسات وحبوب منع الحمل بالإضافة إلى لوالب رحمية، وكانت غالباً موجّهة إلى نساء في أفريقيا، بحسب ما نقلت الغارديان عن اثنين من كبار مساعدي الكونغرس. ما يعرّض الصحة الإنجابية لفيض من النساء الفقيرات للخطر، بالإضافة إلى احتمالية وفاة بعضهن إذا اضطررن إلى الخضوع لإجهاض غير آمن بعد حمل غير مقصود.
تكدّست هذه الإمدادات منذ أشهر في مستودع بمدينة خيل (Geel) البلجيكية، عقب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجميد المساعدات الخارجية الأميركية في كانون الثاني/يناير الماضي. وتقوم الحكومة الأميركية بنقل الإمدادات من بلجيكا إلى فرنسا، وستتكبد تكلفة قدرها 160 ألف دولار لإحراق هذه المخزونات في منشأة مخصصة لمعالجة النفايات الطبية، على الرغم من أن صلاحيتها تمتد من نيسان/أبريل 2027 حتى أيلول/سبتمبر 2031، بحسب وثيقة داخلية توضح محتويات المخزن.

ذكرت وزارة الخارجية البلجيكية أنها أجرت محادثات مع السلطات الأميركية و«بحثت جميع الخيارات الممكنة لتفادي الإتلاف، بما في ذلك النقل المؤقت». لكنها أضافت أنه: «على الرغم من هذه الجهود، ومع الاحترام الكامل لشركائنا، لم يكن بالإمكان إيجاد بديل قابل للتنفيذ».
أيضاً، قدم صندوق الأمم المتحدة للسكان، بكونه المؤسسة الأممية المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية - عرضاً لشراء موانع الحمل بالكامل. ومع ذلك، توقفت المفاوضات، حسبما قال مصدر مطلع على المحادثات، بعد عدم تلقي رد من الحكومة الأميركية.
بينما قالت سارة شو، المديرة في منظمة MSI Reproductive Choices غير الربحية، لوكالة رويترز إن المنظمة تطوعت لتحمل تكاليف إعادة تغليف الإمدادات من دون شعارات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) وشحنها إلى الدول المحتاجة، لكن العرض رُفض من قبل الحكومة الأميركية.
أشار بعض المطلعين على القضية إلى أن الرفض جاء نتيجة الموقف المتشدد لإدارة ترامب بشأن الإجهاض وتنظيم الأسرة. ونقلت الحكومة البلجيكية في هذا الصدد قولها: «يجب ألا تخضع الصحة الجنسية والإنجابية لأي قيود أيديولوجية».
يعد الإجهاض قضية شائكة تثير الانقسام في السياسة الأميركية وكان من المواضيع المحورية في انتخابات 2024 التي فاز بها ترامب. ومع ذلك، فإن تفسير الرفض الأميركي بأنه مجرد قرار «أيديولوجي» أو مرتبط فقط بالسياسة الداخلية للحكومة الأميركية يُعد تفسيراً مختزلاً.
كما أنه لا يفسر الأخبار المماثلة التي تداولها الإعلام في الفترة الأخيرة. فمؤخراً، أفادت مجلة «أتلانتيك» أن ما يقرب من 500 طن متري من المواد الغذائية الطارئة على وشك الانتهاء وسيتم حرقها بدلاً من استخدامها لإطعام حوالي 1.5 مليون طفل في أفغانستان وباكستان. وفي الوقت نفسه، أصبحت حوالي 800,000 جرعة من لقاحات جدري القرود - التي كان من المفترض إرسالها إلى أفريقيا - غير صالحة للاستخدام لأنها قريبة جداً من تاريخ انتهاء صلاحيتها، حسبما أفادت صحيفة «بوليتيكو».
تدمير وسائل منع الحمل هي جزء من حملة إدارة ترامب التي استمرت منذ تنصيبه رئيساً لتفكيك وكالة التنمية الدولية الأميركية (USAID)، وهي أكبر جهة تمويل للمساعدات الإنسانية والتنموية في العالم. لطالما كانت هذه المؤسسة أداة أساسية للقوة الناعمة الأميركية في السياسة الخارجية، وقد استخدمتها الحكومات الأميركية المتعاقبة في التفاوض مع الدول الفقيرة، حيث حصلت أميركا منها على تنازلات سياسية واقتصادية في مقابل تقديم المساعدات الإنسانية.
ترى إدارة ترامب أنها قادرة على استغلال الدول الفقيرة بشكل أكبر من خلال إعادة هيكلة هذه المؤسسة، معتقدة ببساطة أنها تستطيع الحصول على المزيد من هذه الدول مقابل تقديم مساعدات أقل. لذلك ألغت الحكومة الأميركية 83% من برامج الوكالة، وأعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن برامج المساعدات الخارجية ستُنقل إلى وزارة الخارجية. وسيتم استبدال الوكالة بمنظمة تُدعى «أميركا أولاً».